موسى ، لإيجاد جو عاطفي في المجتمع المحيط بموسى يدفع هؤلاء باتجاه الدفاع عن آبائهم الذين يرميهم موسى بالضلال ، ويحكم عليهم بالعذاب. فكان إيكال موسى علم هؤلاء في مصيرهم إلى الله الذي يعلم من جزئيات أعمالهم ما لا نعلمه ، مما أحاط به ولم نحط ، لونا من ألوان الخروج من أجواء الجدل الضائع الذي لا يؤدي إلى نتيجة ويدخل الحديث في متاهات انفعالية لا مجال للخروج منها إلا بالوقوع في كثير من المشاكل الاجتماعية ..
وهذا أسلوب حكيم يحتاج الإنسان الداعية إلى الأخذ به في مواجهة الأشخاص الذين يريدون إيقاعه في أجواء الإثارة الاجتماعية أو السياسية الانفعالية العاطفية التي يتحرك الناس فيها بعيدا عن أية حالة عقلية ، مما يخلق الكثير من الإرباك العملي في مجال الدعوة إلى الله ، والجهاد في سبيله. فيحاول الداعية الهروب من ذلك بتوجيه المسألة إلى اتجاه لا يثير الكثير من الجدل بإيكال الأمر إلى الله في الأمور التي أحاط بها علمه ، والله العالم بحقائق آياته.
* * *
الله يحث عقل الإنسان على التفكر
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) تستطيعون العيش فيه في ما مهده لكم من قرار وثبات وراحة ، (وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) تمكن لكم التنقل في أرجائها ، (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) وهو ماء الأمطار الذي يتحول إلى بحيرات جوفية في أعماق الأرض ، فتتفجر منه الينابيع والأنهار ، (فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى) في ما أعطى الأرض من خصب وحيوية وقدرة على تحويل التراب إلى عناصر تتكون فيها البذور التي تنمو فيها الخضرة والثمار والفواكه المتنوعة ، ففي أشكالها وخصائصها وطعمها وريحها مصدر غذاء للإنسان وللحيوان ، لتستمر