القتال إبعادا للفتنة عن الدين
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ). وهذا توجيه للمؤمنين إلى الروحية التي يجب أن تحكم أهدافهم في القتال ، فهم يقاتلون على أساس منع القوة التي تمثلها قريش من الضغط على المسلمين بغرض فتنتهم عن دينهم ، وإبعادهم عن خط التوحيد لله. فإن هذه القوة إذا انهارت ، أنهار الشرك كله ، مما يدفع الجوّ إلى التغيير الجذري. (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ، لأن الناس سينفتحون على الإسلام عند ما تتحطم كل الحواجز المادية التي تمنعهم من الوصول إليه والانفتاح عليه ، وهذا هو الخط الذي ينبغي للمؤمنين أن يسيروا عليه في ساحة الصراع ، ليكون من أهدافهم البعيدة أن يضعفوا كل القوى الكافرة المهيمنة على الفكر والعمل ، بالوسائل الواقعية التي يملكونها ، على أساس الظروف الموضوعية المحيطة بهم ، في ما تختزن من أوضاع وما تطلقه من تحديات وما تتحرك به من خطط ومؤامرات ، لأن إضعاف القوى المضادّة قد يكون إحدى الوسائل التي تتيح للدعوة الإسلامية أن تأخذ حريتها في الحركة ، عند ما يأخذ الآخرون من أفراد الأمة حريتهم في التفكير والقراءة والاستماع والحوار ، بعيدا عن الضغوط الفكرية والسياسية والعسكرية ، (فَإِنِ انْتَهَوْا) وأسلموا الأمر لله ودخلوا في الإسلام ، أو انتهوا عن العدوان والفتنة ؛ (فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ليجزيهم على ما عملوا بما يستحقون من جزاء. (وَإِنْ تَوَلَّوْا) وأعرضوا واستمروا على طريق الكفر والبغي والضلال ، (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ) وناصركم عليهم مهما امتدوا في طغيانهم وعدوانهم. والله (نِعْمَ الْمَوْلى) لأوليائه ، (وَنِعْمَ النَّصِيرُ) لهم على أعدائهم وأعدائه.
* * *