والتكفير عن السيّئات ، لأنها تمثّل الموقف الواعي الذي ينظر إلى الأشياء بعين الله ، ويحكم عليها من خلال شريعته ، وبذلك يوحي للعقل بالإشراق وللخطوات بالتوازن على الطريق المستقيم. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) انطلقوا بإيمانكم إلى المواقع التي تتحوّل بكم إلى الموقف الحق في خط التقوى ، فإن الله قد أعدّ للمتقين كل خير ورحمة ورضوان.
(إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) يفرق بين الحق والباطل ، في ما يمثله من المراقبة الدائمة لله في كل ما يتحرك فيه الإنسان أو يقف ، فلا يقدم رجلا ولا يؤخّر أخرى حتى يعلم أن في ذلك لله رضى ، مما يعمّق في داخله الإحساس الواعي بالخطوط الفاصلة بين النور والظلمة وبين الخطأ والصواب ، ويجعل نوره يسعى بين يديه ، وعن يمينه وعن شماله ، وذلك هو خط المعرفة في حركة التقوى في حياة الإنسان. (وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) ، لأن التقوى تعني التوبة الحقيقية في مضمونها العملي ، الذي يمثّل الحركة التغييرية في صعيد الواقع في مقابل التوبة الكلامية التي تعبّر عن الحالة النفسية الطارئة بعيدا عن الموقف الثابت المستمر. وبذلك يتحقق الأساس للمغفرة والرضوان والتكفير عن السيئات ، لأن (الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [هود : ١١٤] ، كما جاء في بعض الآيات. (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) الذي لا يمنع أحدا من فضله ولا يحرم أحدا من لطفه ونعمه.
* * *