الله يحض المؤمنين على طاعته وطاعة رسوله
وتستمر الدعوة الدائمة التي تخاطب المؤمنين في كل وقت ، بالالتزام بخطّ الطاعة لله والرسول في قضايا التشريع ، وفي قضايا التنفيذ ، لأن ذلك هو معنى الإيمان في عمق الفكرة والإحساس ، وهو مظهر الولاية لله وللرسول. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في ما تفعلون وتتركون. (وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) ، ولا تعرضوا عن رسول الله (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) كلامه في ما يبلغكم من آيات الله مما يصلح أمركم وينصر موقفكم ، فإن الإعراض عنه ـ مع الوعي التام لتعاليمه ـ يمثل الإعراض عن الإيمان نفسه والابتعاد عن الله ، وعن خط السلامة في الحياة.
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا) من المشركين الذين كان النبيّ يدعوهم إلى أن يسمعوا كلام الله ، ولكنهم لا يلقون بالا إليه ، ولا يواجهونه بروح الاهتمام والإصغاء الداخليّ ، ولذلك اعتبر الله سماعهم بمنزلة العدم ، فقال (وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) ، لأن السمع هو الوسيلة التي تثير في الإنسان الحاجة إلى المعرفة ، والتفكير في ما يلقيه إليه الآخرون ، فإذا ترك الكلمة تدخل إلى سمعه ، من دون وعي لمعناها وتفكير في مضمونها ، كان حاله كحال الذي لا يسمع أبدا ، لأنّ النتيجة واحدة على كلّ حال.
(* إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ). إنه يشبّههم بالدوابّ التي لا تسمع ولا تتكلّم ولا تعقل ، لأن قيمة السمع والنطق والعقل ، هو في تحريكها بما ينفع حياة الإنسان ، وينقذ مصيره من الهلاك ، فإذا أهمل كل ذلك ، وجمّده عن السير في اتجاه المعرفة النافعة ، كان كمن فقده بالأساس. وذلك هو الفرق بين الدواب والناس ، في سلبيّة الدوابّ أمام قضية المعرفة من أجل الحياة ، وإيجابية الناس أمام ذلك كله.
* * *