الأعراض المشخّصة لحصول الاستعداد في النفس للإدراك الحسّيّ ، وكذا اشتراط
الاكتناف بالمشخّصات للتخيّل ، وكذا اشتراط التقشير في التعقّل للدلالة على اشتراط
إدراك أكثر من فرد واحد لحصول استعداد النفس لتعقّل الماهيّة الكلّيّة المعبّر عنه
بانتزاع الكلّيّ من الأفراد.
الثاني
: أنّ أخذ المفهوم
وانتزاعه من مصداقه يتوقّف على نوع من الاتّصال بالمصداق والارتباط بالخارج سواء كان بلا واسطة كاتّصال أدوات الحسّ في العلم الحسيّ
بالخارج ، أو مع الواسطة كاتّصال الخيال في العلم الخياليّ بواسطة الحسّ بالخارج وكاتّصال العقل في العلم العقليّ من طريق إدراك الجزئيّات
بالحسّ والخيال بالخارج .
فلو لم تستمدّ
القوّة المدركة في إدراك مفهوم من المفاهيم من الخارج وكان الإدراك بإنشاء منها من
غير ارتباط بالخارج استوت نسبة الصورة المدركة إلى مصداقها وغيره ، فكان من الواجب
أن تصدق على كلّ شيء أو لا تصدق على شيء أصلا ، والحال أنّها تصدق على مصداقها دون
غيره ، وهذا خلف.
فإن
قلت : انتهاء أكثر
العلوم الحصوليّة إلى الحسّ لا ريب فيه ، لكن ما كلّ علم حصوليّ حاصلا بواسطة
الحسّ الظاهر ، كالحبّ والبغض والإرادة والكراهة وغيرها المدركة بالحواسّ الباطنة
، فصورها الذهنيّة مدركة لا بالاتّصال بالخارج. وأيضا لا تدرك الحواسّ إلّا
الماهيّات العرضيّة ، ولا حسّ ينال الجوهر بما هو جوهر ، فصورته الذهنيّة مأخوذة
لا من طريق الحسّ واتّصاله بالخارج.
قلت
: أمّا الصور
الذهنيّة المأخوذة بالإحساسات الباطنة ـ
كالحبّ والبغض
وغيرهما ـ
فالنفس تأخذها
ممّا تدركه من الصفات المذكورة بوجودها الخارجيّ
__________________