.................................................................................................
__________________
معان منتزعة من تأثير السبب أثره ، لا أنّها أمور إنشائية يتسبّب بوجوداتها الإنشائية الى وجوداتها الحقيقيّة. وتمام الكلام فيه في محله» (١).
وفيه : أنّ عنوان الإمضاء والإجازة لا ينحصر تعلّقهما بما فيه مضيّ ونفوذ بنحو السببية التامة كالعقد المتقوم بالإيجاب والقبول كما هو صريح قوله قدسسره : «وما يترقّب منه ذلك هو السبب التام وهو العقد» لأنّ هذه الألفاظ تستعمل كثيرا مع عدم كون متعلّقها سببا تامّا للتأثير كإمضاء أحد الورثة العقد الخياري الذي أوقعه مورّثهم ، فإنّ الخيار موروث لجميع الورثة ، وإمضاء أحدهم لا يتعلق بسبب تام للتأثير ، بل تمامية العقد في التأثير اللزومي منوطة بإمضاء سائر الورثة.
وكحدّ القذف الذي يرثه الوراث ، فإن عفى بعضهم لم يسقط حقّ الآخرين. وسائر الحقوق الموروثة مع تعدّد الوارث وإنفاذ البعض.
وبالجملة : فالإمضاء ونحوه لا ينحصر تعلّقه بالسبب التّام ، بل لا معنى لتعلقه به مع فرض إناطة تأثيره بالإمضاء ، لأنّه خلاف سببيّته التامة.
فالأولى أن يقال : إنّ الإمضاء يتعلّق بما فيه اقتضاء التأثير وإن تعلّق بالإيجاب ، فإنّ إمضاءه من القابل عبارة عن إيجاد القبول الذي هو جزء السبب المؤثّر ، فالإنفاذ في العقود والإيقاعات نظير الإيجاب في الواجبات ، فإنّ الموجب قد يسدّ جميع أبواب عدم واجب كالواجب التعييني ، وقد يسدّ بعض أبواب عدم واجب كالواجب التخييري ، فإنّ المشرّع يسدّ أبواب عدمه إلّا عدمه الناشئ عن وجود عدله ، كسدّ أبواب عدم أحد الإبدال في الكفارة إلّا عدمه الناشئ عن وجود غيره من الأبدال.
ففي المقام يكون الإنفاذ كذلك ، فإمضاء الإيجاب لازم وجود القبول ، فدلالته على القبول تكون من باب الكناية ، لدلالة «أمضيت» ونحوه على اللازم ـ أعني النفوذ ـ مطابقة ، وعلى الملزوم وهو تحقق القبول بالالتزام ، لدلالة اللازم على الملزوم ، كدلالة كثرة الرّماد على الملزوم أعني الجود. فما أفاده المحقق المتقدم قدسسره من كون دلالة هذه الألفاظ على القبول بالكناية في محله.
__________________
(١) : حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٦٨