بوجه آخر (١) كان حكمه حكم التلف.
ولو باع العين ثالث فضولا (٢) فأجاز المالك الأوّل (٣) ـ على القول بالملك ـ
______________________________________________________
(١) يعني غير الهبة. هذا تمام الكلام في الصورة الثانية من صورتي النقل بالعقد الجائز. وقد تمّت إلى هنا صور أربع من الملزم الثالث ، وهو نقل إحدى العينين أو كلتيهما.
(٢) هذا شروع في صورة خامسة من صور التصرف الاعتباري بنقل إحدى العينين أو كلتيهما. والفرق بينها وبين الصور الأربع المتقدمة هو : أنّ الناقل فيها كان أحد المتعاطيين أو كليهما بالأصالة ، مباشرة أو تسبيبا بالتوكيل. بخلاف هذه الصورة ، إذ الناقل فيها أجنبي عن المتعاطيين. ويتجه البحث حينئذ في أن تصرف الفضول ـ بإنشاء المعاملة على إحدى العينين ـ هل يكون ملزما كتصرف نفس المتعاطيين ، أم هو بحكم العدم ويبقى جواز التراد على حاله؟
فصّل المصنف قدسسره بين فروع ، فتارة يجاز عقد الفضول ، والمجيز إمّا من انتقل عنه المال أو من انتقل إليه ، وأخرى يردّ. وثالثة يرجع أحدهما عن المعاطاة ثم يجيز الآخر عقد الفضول. وفي هذا الفرض إمّا يبنى على كاشفيّة الإجازة عن تحقق النقل من حين إنشاء الفضول ، وإمّا على ناقليّتها. هذه فروع المسألة إجمالا ، وسيأتي التفصيل إن شاء الله تعالى.
(٣) أي : من انتقلت عنه العين بالمعاطاة ، كما إذا تعاطى زيد وعمرو كتابا بدينار ، فباع بكر ـ فضولا ـ الكتاب لأجنبي ، فأجازه زيد.
وحكم هذا الفرع : أنّ رجوع زيد عن المعاطاة لمّا كان جائزا ـ سواء على الملك والإباحة ـ لم يبعد أن تكون إجازته رجوعا عن معاطاته مع عمرو ، يعني : أنّه أرجع الكتاب ـ بهذه الإجازة ـ إلى ملك نفسه ، وباعه إلى من اشتراه من الفضول. فالرجوع بهذه الإجازة يكون نظير ما إذا تصدّى زيد بنفسه لبيع الكتاب أو صلحه أو هبته ، فإنّ هذه التصرفات الناقلة تكشف عن رجوعه عن المعاملة المعاطاتية ، نظير