أوّلها (١) ، ثم أوسطها (٢).
وأمّا حكم الإباحة بالإباحة (٣) فالإشكال فيه أيضا يظهر
______________________________________________________
(١) وهو اللزوم مطلقا ، لعموم دليل نفوذ الشروط الذي هو مستند هذه الإباحة. وجه أقوائيّته : أنّ مقتضى عموم «المؤمنون عند شروطهم» وجوب وفاء كل واحد من المؤمنين بشرطه والتزامه ، سواء أكان التزامه بإباحة ماله للغير ليتصرف فيه ، أم بتمليك رقبة ماله للغير ، ولا يجوز نقض الالتزام بوجه من الوجوه.
(٢) وهو اللزوم من طرف المباح له ، لأصالة اللزوم كما مرّ آنفا.
وجهه : أنّه لو نوقش في صدق الشرط على التزام المبيح بالإباحة ، لكنه لا ريب في شموله لالتزام المباح له بتمليك ماله للمبيح ، فيلزمه الوفاء بشرطه وعدم نقضه ، بخلاف المبيح ، فإنّه لا دليل على وجوب الوفاء بإباحته ، إذا شكّ في صدق «الشرط» على الإباحة المالكية.
ووجه أولويّة هذا الاحتمال من الاحتمال الثالث ـ الّذي يجوز لكل منهما الرجوع فيه ـ هو : أنّه يلزم طرح عموم «المؤمنون» كلّيّة ، وهذا خلاف ما فرضناه من دلالة الحديث على صحة الإباحة المعوّضة.
(٣) هذا هو القسم الرابع من أقسام المعاطاة بحسب قصد المتعاطيين. ولا يخفى أنّ المصنف قدسسره لم يتعرّض عند بيان الإشكالين ـ الواردين على هذا القسم وسابقه ـ لما يختص بهذا القسم من الإشكال حتى يتصدّى لدفعه ، وإنّما اقتصر على الإشكال المختص بالقسم الثالث من كونه عقدا مؤلّفا من إباحة وتمليك. ثم أجاب عنه بما عرفت آنفا.
وأمّا هذا القسم الرابع فقد أفاد فيه المصنف أنه كالقسم الثالث إشكالا وجوابا. فالإشكال فيه هو : عدم كون «الإباحة بعوض الإباحة» من المعاوضات المالية المعهودة ، ولا تجارة عن تراض ، ولا بيعا ، وعليه يشكل إباحة المالك التصرّف في ماله بإزاء إباحة الآخر التصرف في ماله ، ولو فيما لا يتوقف على الملك.