وأمّا (١) الكلام في صحة الإباحة بالعوض ـ سواء صحّحنا إباحة التصرفات
______________________________________________________
(١) معطوف على قوله : «أما إباحة جميع التصرفات حتّى المتوقفة على الملك» وهذا شروع في تحقيق الإشكال الثاني المتقدم بقوله : «وثانيا : الإشكال في صحة الإباحة بالعوض الراجعة إلى عقد مركّب من إباحة وتمليك» وكان هذا الإشكال مختصا بالقسم الثالث ـ من الأقسام الأربعة المذكورة في التنبيه الرابع ـ وهو كون الإباحة في مقابل التمليك. كما أنّ الإشكال الأوّل كان مشتركا بين القسمين الثالث والرابع.
وغرضه قدسسره إقامة الدليل على صحة الإباحة بعوض التمليك ـ ولو بالنسبة إلى غير التصرفات المنوطة بالملك ـ وأمّا الإباحة بعوض الإباحة فسيأتي بيان حكمها في آخر التنبيه إن شاء الله تعالى ، فالمقصود فعلا تحقيق العقد المركّب من إباحة وتمليك.
وقد بيّن المصنف أوّلا الإشكال في صحة الإباحة المعوّضة ، ثم صحّحها ثانيا بإدراجها في الصلح أو بكونها معاوضة مستقلة.
أمّا ما أفاده في مقام الإشكال فحاصله : أنّ هذا النحو من الإباحة لا يندرج في المعاوضات المالية ليدخل كل من العوضين في ملك ، الآخر ، لكون العوضين كليهما ملكا للمبيح. أمّا ما أباحه فمعلوم ، وأمّا عوضه ـ الذي دفعه المباح له إليه ـ فالمفروض أنّه عوض الإباحة ، فصار ملكا للمبيح.
ولا دليل على مشروعيّة هذه الإباحة المعوضة ، لأنّ ما يمكن أن يستدلّ به على الصحة هو آية الوفاء بالعقود والتجارة عن تراض وحلّ البيع. والكل غير جار.
أمّا الأوّل فلاختصاص «العقود» التي يجب الوفاء بها بالعهود المتعارفة بين الناس ، وهي محصورة في أمور معيّنة معهودة كالبيع والصلح والإجارة والهبة ونحوها من عناوين المعاملات.
وأما الثاني فلأنّ «التجارة» هي التكسب بالمال بقصد الاسترباح بالبيع والشراء ، ولا أقلّ من الشك في صدقها على الإباحة ، إذ ليس فيها مبادلة الأموال ،