.................................................................................................
__________________
الرابعة : مجرّد الكلام الدال على المقاولة من غير إيصال ووصول.
أمّا الصورة الاولى فلا ينبغي الإشكال فيها ، لكونها هي المتيقنة من المعاطاة ، فيشملها ما يدلّ على صحّتها. ودعوى «عدم تعقّل توقف المعاطاة المقصود بها المبادلة على الإعطاء من الطرفين ، بل لا محيص عن تحققها بالإعطاء والأخذ لطرف واحد ، نظرا إلى : أنّ الأخذ إن قصد بأخذه للعين قبول ما ملّكه المعطي فقد تمّت به المعاملة ، لاشتمالها على تمليك وتملّك ، فيكون إعطاء الآخر بعد ذلك وفاء بالعقد ، لا إنشاء للقبول. وإن لم يقصد بأخذه القبول فلا يجزي إعطاؤه ، لأنّه تمليك مستقلّ ، فيتحقّق إيجابان مستقلّان بإعطائين. ولا ريب في عدم انعقاد المعاملة حينئذ ، لكون كل منهما إيجابا مستقلا بلا قبول» (١).
غير مسموعة ، لأنّ البيع ليس إلّا تمليكا بإزاء تمليك كما في الإعطائين ، فإنّ كلّا منهما تمليك بإزاء تمليك. وهذا المقدار من الربط كاف في الربط المعاملي ، ولا دليل على اعتبار خصوص الربط المطاوعي ، فلا يكون الإعطائان في المقام تمليكين مستقلّين. ولو كان خصوص الرّبط المطاوعي معتبرا في تحقق البيع لما صحّ إنشاء وكيل المتعاملين تبادل المالين بقوله : «بادلت بينهما» مع صحته قطعا ، فلا ينحصر إيجاد ماهية البيع بالإيجاب والقبول.
فالمتحصل : أنّ البيع يتحقق بإعطائين كما يتحقق بإعطاء واحد ، هذا.
وأمّا الصورة الثانية فقد ظهر مما ذكرنا في الصورة الأولى صحتها ، وأنّها بيع مشتمل على الإيجاب والقبول ، لكون الإعطاء إيجابا والأخذ قبولا ، فيشمله دليل البيع سواء أكان لفظيا أم لبّيّا ، لصدق البيع العرفي عليه.
لكن قد يناقش في تحقق المعاطاة بإعطاء أحدهما وأخذ الآخر ، تارة بما
__________________
(١) : حاشية المكاسب للمحقق الإيرواني ، ج ١ ، ص ٨٣