المعاوضات محصورة ، وليست إحداها. وكونها معاوضة برأسها يحتاج إلى دليل. ويحتمل الثاني ، لإطباقهم (١) على أنّها ليست بيعا حال وقوعها ، فكيف تصير بيعا بعد التلف (٢)؟
______________________________________________________
(١) حاصله : أنّ إطباقهم على عدم كون المعاطاة بيعا حين وقوعها يدلّ على كونها معاوضة مستقلة ، إذ لا معنى لكون التلف موجبا لصيرورتها بيعا ، فلا مقتضي لكونها بيعا.
(٢) يعني : بعد البناء على عدم بيعيّتها حين وقوعها كيف تصير بالتلف بيعا؟
إلّا أن يقال : إنّ المنفي هو البيع الشرعي ، لا العرفي المتقوم بقصد المبادلة بين المالين الموجود هنا ، لأنّ المفروض قصد المتعاطيين للتمليك ، فالمراد عدم شمول دليل
__________________
في الأمور المعهودة ـ وعدم كون المعاطاة منها ـ يقتضي ضدّ المقصود وهو عدم بيعيّتها.
وإن أراد من المعاوضات غير البيع ، فلا يقتضي نفيها عن المعاطاة ثبوت بيعيتها ، لأنّ نفي الدليل على كونها من المعاوضات غير البيع لا يدلّ على كونها بيعا ، بل بيعيّتها منوطة بصدق مفهومه عليها عرفا ، فإن لم يصدق عليها فلا دليل على بيعيّتها. بل مقتضى الإجماع المدّعى على عدم بيعيتها قبل التلف هو عدم صيرورتها بعد التلف بيعا بالاستصحاب.
إلّا أن يقال : إنّ مفهوم البيع صادق عليها ، غاية الأمر أنّ دليل حلّية البيع خصّص بالإجماع قبل التلف ، وصارت المعاطاة مفيدة للإباحة مع كونها بيعا عرفا. لكن المتيقّن من الإجماع لمّا كان هو إفادة المعاطاة للإباحة قبل التلف فيرجع بعده إلى عموم دليل لزوم البيع ، فالمراد بصيرورة المعاطاة بعد التلف بيعا هو ترتب الأثر ـ أعني به الملكية ـ بعده ، فالمعاطاة بيع ، غاية الأمر أنّ الإجماع قام على عدم ترتب الأثر الملكي عليها إلّا بعد التلف.
وبهذا التقريب يظهر وجه اندفاع التعجب المستفاد من قوله قدسسره : فكيف يصير بيعا بعد التلف؟