بأنّ الكاشف (١) عن الملك هو العقد الناقل ، فإذا فرضنا ارتفاعه بالفسخ عاد الملك إلى المالك الأوّل (٢) وإن كان مباحا لغيره (٣) ، ما لم يستردّ (٤) عوضه ،
______________________________________________________
ثانيهما : تمليكه من بكر. وليس المناط مملّكية إرادة التصرف حتى يجمع بالملكية الآنامّائية.
وإذا تقرّر عود المال إلى المبيح كان مقتضى قاعدة «سلطنة الناس على أموالهم» جواز الرجوع واسترداد الكتاب من عمرو ، وردّ الدينار إليه إن كان باقيا لم يتلف ، وإلّا صارت المعاطاة لازمة من جهة تلف إحدى العينين.
ولا يخفى أنّ جواز التراد مستند إلى سلطنة المالك على ماله ، لا إلى الإجماع على جواز تراد العينين في المعاطاة حتى يشكل فيه بأنّ الإجماع على الجواز دليل لبّى يقتصر على المتيقن منه ، وهو عدم وقوع عقد على أحد العوضين ، وفيما عداه يرجع إلى أصالة اللزوم. هذا توضيح المتن ، وبه يظهر قصور العبارة عن أدائه.
(١) قد عرفت أنّ الكاشف هنا بمعنى السبب ، لا بمعنى الطريق إلى تحقق الملك. والقرينة عليه قوله : «فإذا فرضنا ارتفاعه» لوضوح أنّ الفسخ رافع للعقد ، ولا يرفع إرادة التصرف لو كانت هي الموجبة لدخول المال في ملك المباح له.
وهذا بخلاف ما أفاده قبل أسطر بقوله : «لأنّ التصرف الناقل يكشف عن سبق الملك للمتصرّف» فإنّه مبني على مختار المصنف ـ على ما حكي ـ من مملّكية إرادة التصرف ، وكون التصرّف كاشفا عن تحقق سبب التمليك ، وعدم كون العقد اللّازم مقتضيا للتملّك.
(٢) أي : المبيح ، وهو زيد في المثال المتقدم.
(٣) وهو المباح له ، أعني به عمروا.
(٤) يعني : ما لم يستردّ هذا الغير ـ وهو المباح له ـ عوضه ، أي الدينار الذي هو عوض الكتاب ، فإذا استردّ عمرو الدينار من زيد لم يكن الكتاب مباحا له ، بل وجب عليه إيصاله إلى زيد. ولا أمانة في المقام ، إذ الإباحة تعبدية لا مالكية.