لبعض معاصريه تبعا للمسالك (١) أصالة عدم اللّزوم ،
______________________________________________________
الأمر الثالث : أنّ كلام الفاضل قدسسره من تجويز الرجوع إلى العين الموجودة ليس فيه تصريح بابتنائه على إفادة المعاطاة للإباحة ، بل نفى هذا الابتناء بقوله : «وتعيين الاشتغال مطلقا أو على كون المعاطاة إباحة محضة .. باطل» وعليه فما نسبه المصنف إلى الفاضل من القول بأصالة عدم اللزوم ـ بناء على الإباحة ـ مستفاد من إطلاق حكم الفاضل بجواز رجوع مالك العين الموجودة سواء قلنا بالملك الجائز أم بالإباحة المحضة. ولا مانع من هذه الاستفادة ، لأنّ المصنف قدسسره بصدد بيان حكم تلف إحدى العينين بناء على الإباحة. وهو لا ينافي اتّحاد حكمه بناء على الملك. ويساعد استفادة المصنف استدلال الفاضل بقاعدتي السلطنة واليد ، لماسبتهما للإباحة.
(١) ظاهر العبارة أنّ الشهيد الثاني استوجه عدم لزوم الإباحة في صورة تلف إحدى العينين أو بعضها ، فتبعه صاحبا المناهل والمستند. لكن في النسبة تأمّل. وبيانه : أنّه قدسسره فصّل في المسالك بين تلف إحدى العينين وبين تلف بعض إحداهما ، وذكر في كلّ منهما وجهين ، واختار اللزوم بتلف إحداهما ، والإباحة في تلف بعض إحداهما. وعلى هذا فالمسألتان بنظر الشهيد ليستا متحدتين حكما.
والأولى نقل كلامه وقوفا على حقيقة الحال ، فقال في ثاني مباحث المعاطاة : «لو تلفت العينان معا تحقق الملك فيهما. ولو تلفت إحداهما خاصة فقد صرّح جماعة بالاكتفاء به في تحقق ملك الأخرى ، نظرا إلى ما قدّمناه من جعل الباقي عوضا عن التالف ، لتراضيهما على ذلك. ويحتمل هنا العدم ، التفاتا إلى أصالة بقاء الملك لمالكه ، وعموم : الناس مسلّطون على أموالهم. والأوّل أقوى ، فإنّ من بيده المال مستحق قد ظفر بمثل حقّه بإذن مستحقه فيملكه ، وإن كان مغايرا له في الجنس والوصف ، لتراضيهما على ذلك» وهذا الكلام كما ترى صريح في ترجيح القول باللزوم في تلف عين واحدة ، وأنّ عدم اللزوم مجرّد احتمال لا ينبغي المصير إليه.
وقال في المبحث الثالث : «لو تلف بعض إحداهما احتمل كونه كتلف الجميع