وحيث ارتفع مورد التّراد امتنع (١). ولم يثبت (٢) قبل التلف جواز المعاملة على نحو جواز البيع الخياري حتى يستصحب بعد التلف (٣) ، لأنّ ذلك (٤) الجواز من عوارض العقد ، لا العوضين ، فلا مانع من بقائه ،
______________________________________________________
أدلة اللزوم بعد تلف إحدى العينين أو كلتيهما استصحابا لحكم المخصّص.
قلت : لا مجال هنا للاستصحاب ، لوجهين : أحدهما : ما تقدّم آنفا من الفرق بين جواز المعاطاة وبين جواز العقد الخياري ، فإنّه بمعنى الانحلال بالفسخ وهو قائم بالعقد ، ولكن جواز المعاطاة بمعنى التملك بالرجوع في العين ، لا بعنوان الفسخ ، ومن المعلوم أنّ التملك بالأخذ قائم بنفس العوضين لا بفسخ العقد. وعلى هذا يقطع بانتفاء ذلك الجواز بمجرّد التلف ، فلا شك حتى يستصحب الجواز.
ومنشأ هذا الفرق ما تقدم من عدم إحراز تعلّق الجواز ـ في باب المعاطاة ـ بحلّ العقد حتى يستصحب بقاؤه لو شكّ في ارتفاعه بتلف العينين ، فالمتيقن من الدليل تعلّقه بالتّراد ، وينتفي معروض المستصحب بمجرد التلف ، ولا يبقى شك حتى يجري فيه الأصل.
ثانيهما : أنّه لا مجال لهذا الاستصحاب حتّى إذا تردّد جواز المعاطاة بين تعلّقه بالعقد وبين تعلّقه بالتراد ، إذ مع الشّك في الموضوع لا يحرز اتّحاد القضيتين المتيقنة والمشكوكة ، فيدور الأمر بين النقض والانتقاض ، ومثله ليس مجرى للأصل.
(١) يعني : يمتنع التراد بسبب التلف.
(٢) هذا إشارة إلى توهم ، وقد تقدّم آنفا بقولنا : «فان قلت ..» وحاصل التوهم قياس جواز المعاطاة بجواز العقد الخياري في بقائه بعد تلف العوضين.
(٣) أي : ولو كان التالف كلا العوضين ، فإذا فسخ ذو الخيار رجع إلى البدل.
(٤) أي : لأنّ جواز البيع الخياري يكون قائما بالعقد لا بالعوضين ، وهذا تعليل لقوله : «لم يثبت» ودفع التوهم ، وقد تقدم بقولنا : «قلت : لا مجال هنا للاستصحاب ، لوجهين ..».