وأمّا (١) قوله : «لو كانت إجارة فاسدة لم يجز له العمل» فموضع نظر ، لأنّ فساد المعاملة لا يوجب منعه عن العمل ، سيّما (٢) إذا لم يكن العمل تصرفا في عين من أموال المستأجر.
وقوله : «لم يستحق اجرة مع علمه بالفساد» ممنوع (٣) ، لأنّ الظاهر ثبوت أجرة المثل ، لأنّه (٤) لم يقصد التبرّع ، وإنّما قصد عوضا لم يسلم له (٥).
وأمّا مسألة الهبة (٦) فالحكم فيها بجواز إتلاف الموهوب لا يدلّ على
______________________________________________________
(١) هذا ثاني وجوه المناقشة ، وهو منع الملازمة بين صحّة الإجارة وجواز التصرف في ملك الآمر.
(٢) كما إذا أمر شخصا بأن يبني مسجدا أو قنطرة أو غيرهما ـ مما لا يكون ملكا للمستأجر ـ بعوض ، حيث إنّ العمل حينئذ ليس تصرفا في عين أموال المستأجر ، فلا وجه لعدم جوازه من ناحية التصرف في مال الغير. فوجه الخصوصية هو عدم استلزام العمل للتصرّف في مال الغير.
(٣) هذا هو الإشكال الثالث على كلام المحقق الكركي قدسسره ، وقد تقدم توضيحه بقولنا : «الثالث ان مجرد علم المأمور بفساد الإجارة .. إلخ».
(٤) أي : لأنّ المأمور لم يقصد التبرّع ، فهو يستحق أجرة المثل من الآمر ، بمناط استيفاء عمله المحترم.
(٥) أي : لم يسلم العوض المسمّى للمأمور من جهة علمه بفساد الإجارة ، لخلوّها عن الصيغة المعتبرة ـ بنظرهم ـ في العقود اللازمة.
(٦) أورد المصنف على جريان المعاطاة في الهبة بوجهين ، أحدهما : ناظر إلى استظهار المحقق الثاني من كلام بعض الأصحاب. وثانيهما : ناظر إلى منع أصل منشأ الاستظهار.
أمّا الأول فتوضيحه : أنّ استكشاف مملّكية الهبة المعاطاتية ـ من حكمهم بجواز إتلاف العين الموهوبة ـ ممنوع ، لعدم كون جواز إتلافها لازما مساويا لصحّة الهبة