بل قد يدعى تأخر المرجح المضموني طبعا ، بلحاظ أن الأقربية للواقع لما لم تكن هي المناط في الحجية إذ لا إشكال في عدم حجية الظن بنفسه فلا يناسب كونها هي المعيار في الترجيح ، بل لما كان مناط الحجية هو دليلية الدليل كان المناسب كون معيار الترجيح مع تعارض الدليلين هو أقوائية الدليلية في أحدهما بلحاظ المرجحات الداخلية التي هي من شئون دليلية الدليل من صدوره وظهوره وجهته ، ولا أثر للمرجحات المضمونية الخارجية التي لا دخل لها بدليا ليته.
نظير موافقة رأي المفضول للشهرة ، فإنها وإن كانت موجبة لأقربيته للواقع إلا أنها لما لم توجب أقوائيته في الدليلية من رأي الافضل ، بل كان رأي الأفضل هو الأقوى فيها كان الترجيح له.
نعم ، لو تساويا في الدليلية مع دوران الأمر بينهما يتجه الرجوع للمرجحات المضمونية الخارجية ، لانسداد طريق الترجيح بلحاظ الطريقية ، نظير الرجوع للظن عند فقد الأدلة وانسداد باب العلم.
لكن هذا التأخر الطبعي ليس بنحو يمنع جري الشارع على خلافه ، بل يمكن الخروج عنه لو اقتضته أدلة الترجيح.
وأما المرجح المضموني المعتبر في نفسه كموافقة عموم الكتاب فقد فصّل فيه قدّس سرّه تفصيلا طويلا لعله يبتني على ما هو خارج عن محل الكلام ولا مجال للإطالة فيه.
كما أنه قدّس سرّه ادعى أيضا تقدم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي ، لدعوى : أن موضوع الترجيح الجهتي الخبران اللذان لا يمكن رفع اليد عن صدور أحدهما بعينه لكونهما قطعيين أو متكافئين ، وأما في فرض التعبد بصدور أحدهما دون الآخر لترجيحه سندا فلا وجه لاعمال المرجح الجهتي فيه ، لأن الجهة فرع الصدور ، فمع عدم التعبد بصدور المرجوح لا معنى للتعبد