وضوح اشتراك الأحكام بين الكل.
وبالجملة : لا ينبغي التأمل بعد النظر في النصوص الواردة عنهم عليهم السّلام في سوقها لبيان الحكم الثابت في عصر النبي صلّى الله عليه وآله ، وإن وقع خلاف ذلك فهو مبني على نحو من الخروج عن الظاهر المستند للقرينة العامة المعول عليها.
نعم يشكل الأمر في الأحاديث النبوية ، لعدم تمامية القرينة المذكورة فيها. ومجرد كون الخروج عن الظاهر أكثر أو أشهر من النسخ ـ لو تم فيها ـ ليس من القرائن العرفية المحيطة بالكلام الموجبة لاستفادة استمرار مضمونه.
ولعله لذا ورد من الأئمة عليهم السّلام التعريض بالعامة حيث أخذوا بأحاديث النبي صلّى الله عليه وآله من دون تمييز للناسخ من المنسوخ (١) وتوجيه اختلافهم في ما بينهم ولأحاديث الأئمة عليهم السّلام بأن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن (٢).
لكن الإشكال المذكور مختص بما روي من غير طريق المعصومين عليهم السّلام أو من طريقهم في غير مقام بيان الحكم الشرعي ، أما ما ورد من طريقهم في مقام بيان الحكم الشرعي فظاهر حكايتهم له استمراره وعدم نسخه ، فيلحقه ما تقدم في أحاديثهم.
ومن هنا يهون الأمر في هذا الإشكال لندرة الأحاديث النبوية المعتبرة السند المروية من غير طريقهم عليهم السّلام والتي يحتمل فيها النسخ ، بنحو يكون له الأثر في مقام العمل ، بل لا يبعد عدم وجودها.
الأمر الثالث : حيث ذكرنا أن ملاك الجمع العرفي الترجيح بقوة الظهور فهو متجه في فرض المفروغية عن إحراز صدور الأظهر لبيان الحكم الحقيقي والمراد الجدي بالقطع أو التعبد ، من دون أن يتكفل ما تقدم ببيان وجه
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٣ من أبواب صفات القاضي حديث ٢٣.
(٢) راجع الوسائل ج : ١٨ باب : ١٤ من أبواب صفات القاضي والكافي في باب اختلاف الحديث : ج ١ ص ١٢.