خاتمة
في مرجحات باب التزاحم
سبق في الأمر الخامس من الأمور التي ذكرناها تمهيدا للكلام في التعارض الفرق بين التعارض والتزاحم ثبوتا وإثباتا.
وذكرنا أن المعيار في التزاحم تمامية موضوع كل من التكليفين المستلزم لتمامية ملاكه ـ الذي هو بمعنى الغرض الداعي لجعله ـ بنحو يقتضي صرف القدرة إليه مع العجز عن الجمع بينهما في مقام الامتثال وانحصار القدرة بأحدهما.
وحيث لا بد من حفظ الغرض والملاك من قبل المولى بجعل التكليف فلا بد من عدم رفع اليد عن كلا التكليفين ، لما فيه من فوت أحد الملاكين في ظرف إمكان حصوله.
كما أنه حيث يمتنع التكليف مع العجز يمتنع عموم كلا التكليفين لحال التزاحم ، بل لا بد من قصور أحدهما بعينه ، أو قصور كل منهما عن حال امتثال الآخر ، كما سبق تفصيل الكلام في ذلك.
غايته أنه مع التفات المولى للتزاحم يكون مرجع القصور المذكور إلى رفعه اليد عن التكليف وتقييده بنحو لا يكون فعليا وإن تم ملاكه ، ومع غفلته يكون مرجعه إلى قصوره عن الفعلية عقلا ، بنحو لا يكون موضوعا لوجوب الإطاعة وقبح المعصية ، كما هو الحال لو عجز المكلف عن امتثال تكليف واحد معين.
إذا عرفت هذا ، فلا ريب في التخيير في الامتثال بين التكليفين مع عدم المرجح لأحدهما ، لامتناع الترجيح من غير مرجح في فرض تساوي الغرضين ، بملاك امتناع تحقق التكليف الذي هو فعل اختياري للمولى من دون غرض.