وكذلك المسلمون لما عصوا كتاب ربهم وأهملوه ، سلط الله عليهم الأعداء من كل جانب ، فأفسدوا أفكارهم وعقيدتهم وأخلاقهم ، وأوقعوا الشقاق والنزاع بينهم.
والخلاصة : أن الأمة تكون عزيزة الجانب مرهوبة ما دامت متمسكة بدينها ، فإذا أهملته انهارت وضاعت ولا يغترن أحد بدول أوربا وأمريكا وروسيا واليهود ، فإن ذلك لأجل محدود ، ولحكمة يعلمها الله تعالى.
٧ ـ الآراء في رؤية الله عزوجل : استدل المعتزلة بهذه الآية : (لَنْ تَرانِي) وبقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) [الأنعام ٦ / ١٠٣] على نفي رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة ، وما كان طلب موسى عليهالسلام الرؤية إلا تبكيت السفهاء الذين طلبوا الرؤية ، فأراد أن يسمعوا النص من عند الله بامتناع ذلك.
وأثبت أهل السنة إمكان رؤية الله في الآخرة ، بقوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة ٧٥ / ٢٢ ـ ٢٣] وبالأحاديث الصحيحة المتواترة عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنها : ما أخرجه أحمد والشيخان وأصحاب السنن الأربعة عن جرير أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنكم سترون ربّكم كما ترون هذا القمر ، لا تضامون في رؤيته ...» ومنها ما أخرجه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر» وهي المعبر عنها بقولهم : إنها رؤية بلا كيف.
أما الآية هنا : (لَنْ تَرانِي) فتدل على أنه تعالى جائز الرؤية ؛ لأنه تعالى لو كان مستحيل الرؤية لقال : لا أرى ؛ ولأنه تعالى علق رؤيته على أمر جائز وهو استقرار الجبل ، وما علق على جائز الوجود فهو جائز ؛ ولأن موسى عليه