سبب النزول :
نزول الآية (٥) :
(كَما أَخْرَجَكَ) : أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال : قال لنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونحن بالمدينة ، وبلغه أن عير أبي سفيان قد أقبلت : ما ترون فيها ، لعلّ الله يغنمناها ويسلمنا؟ فخرجنا ، فسرنا يوما أو يومين ، فقال : ما ترون فيهم؟ فقلنا : يا رسول الله ، ما لنا طاقة بقتال القوم ، إنما خرجنا للعير ، فقال المقداد : لا تقولوا كما قال قوم موسى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا ، إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) ، فأنزل الله : (ما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ ، وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ).
المناسبة :
تتضح المناسبة بين هذه الآيات وبين ما قبلها من الكاف في (كَما أَخْرَجَكَ) الذي يقتضي تشبيه شيء بهذا الإخراج ، وأحسن وجوه الربط تشبيه كراهية الصحابة لحكم الأنفال وإن رضوا به ، بكراهيتهم لخروجك من بيتك بالحق إلى القتال في بدر ، فهم رضوا بحكم الأنفال ، ولكنهم كانوا كارهين له ، كما أخرجك ربك من بيتك بالحق إلى القتال ، وإن كانوا كارهين له.
وفي وجه آخر : الأنفال ثابتة لك ، مثل إخراجك ربك من بيتك بالحق ، والمعنى : امض لأمرك في الغنائم ونفّل من شئت ، وإن كرهوا.
وقيل : (كَما أَخْرَجَكَ) متعلق بقوله : (لَهُمْ دَرَجاتٌ) والمعنى : هذا الوعد للمؤمنين حق في الآخرة ، كما أخرجك ربك من بيتك بالحق الواجب له ، فأنجزك وعده ، وأظفرك بعدوك ، وأوفى لك ، فكما أنجز هذا الوعد في الدنيا ، كذا ينجزكم ما وعدكم به في الآخرة.