وكوني المنذر والمبشر للمؤمنين : لأنهم هم المنتفعون بالإنذار والتّبشير.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه آية من أصول العقيدة والدّين ، بيّنت حقيقة الرّسالة ، وميّزتها عن الرّبوبية ، وهدمت قواعد الشّرك والوثنية.
فما الرّسول إلا بشر مبلّغ عن الله ما يوحيه إليه ، وهو قدوة صالحة للنّاس في العمل بما جاء به من عند الله ، وليس له شيء من صفات الله وأفعاله ، ولا سلطان له بالتأثير في الأشياء ، لا نفعا ولا ضرّا ، ولا خيرا ولا شرّا ، ولا إيمانا ولا كفرا.
وبما أنّ الإيمان نفع والكفر ضرّ ، فإنهما لا يحصلان إلا بمشيئة الله سبحانه ، فهو الخالق للإيمان والكفر ، والمريد لهما ، والعبد هو الموجد ما خلق الله عنده من قدرة إما إلى الإيمان والخير ، وإما إلى الكفر والشّرّ.
وليس أدلّ على الإقناع بعدم علم الرّسول بالغيب من أنه لو كان عالما بالغيب ، لحقّق لنفسه منافع الدّنيا وخيراتها ، من مال ومجد ، وعظمة دولة ، ونصر حربي ، وتفوّق دائم ، وأرباح ومكاسب كثيرة ، ولدفع عن نفسه آفات الدّنيا ومضارّها ، كالفقر والمرض والجرح والهزيمة ونحوها من ألوان السّوء والشّرّ ، ولحذر من مكر الأعداء ومكائدهم ، ولاستطاع التّمييز بين من تؤثر فيه الدّعوة إلى الدّين الحقّ ومن لا تؤثّر فيه.