المفردات اللغوية :
(وَاتْلُ) اقرأ (نَبَأَ) خبر مهم (فَانْسَلَخَ مِنْها) خرج من الآيات بكفره ، كما تخرج الحية من جلدها ، وهو بلعم بن باعوراء من علماء بني إسرائيل ، الذي دعا على موسى مقابل هدية من اليهود. وعبر بالانسلاخ للدلالة على كمال مباينته للآيات ، بعد أن كان بينهما كمال الاتصال ، كما قال أبو السعود.
(فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) أدركه ولحقه فصار قرينه (الْغاوِينَ) الراسخين في الغواية والضلالة ، بعد أن كان من المهتدين (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) لو شئنا لرفعناه إلى منازل العلماء ، بأن نوفقه للعمل (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) ركن إلى الدنيا ومال إليها (وَاتَّبَعَ هَواهُ) في دعائه إليها ، فأصبح من الحقيرين (فَمَثَلُهُ) صفته (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ) تشد عليه بالطرد والزجر (يَلْهَثْ) للهث : التنفس الشديد مع إخراج اللسان. والقصد : التشبيه في الخسة والحقارة.
(ذلِكَ) المثل (مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) بعد أخذ الميثاق عليهم وعلى الناس (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ) على اليهود (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ) أي بئس وقبح ، والمثل : الصفة (يَظْلِمُونَ) بالتكذيب.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى أخذ الميثاق على الناس قاطبة ، وإقرارهم بأن الله ربهم ، ضرب المثل للمكذبين بآياته المنزلة على رسوله ، ومضمون هذا المثل أن العالم بآيات الله غير العامل بها كالحية تنسلخ من جلدها وتتركه على الأرض.
قال ابن عباس وابن مسعود ومجاهد رحمهمالله : نزلت هذه الآية في بلعم بن باعوراء.
التفسير والبيان :
واقرأ أيها الرسول على اليهود خبر الذي علمناه آياتنا ، ولكنه لم يعمل بها ، وتركها وراءه ، وتجرد منها إلى الأبد ، فلحقه الشيطان وأدركه وصار قرينا له ، وتمكن من الوسوسة له ، فأصغى إليه ، فصار من الظالمين الكافرين ، لميله إلى الدنيا واتباع الهوى والشيطان.