(إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ) طلبوا منه الماء للسقيا في التيه. (فَانْبَجَسَتْ) انفجرت. (اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) بعدد الأسباط. (كُلُّ أُناسٍ) سبط منهم. (وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) جعلنا الغمام يظلهم في التيه ، والغمام : سحاب رقيق أو أبيض أو السحاب مطلقا. (الْمَنَ) مادة بيضاء تنزل على ورق الشجر وغيره كالندى ، حلوة المذاق كالعسل. (وَالسَّلْوى) طير يشبه السّماني ، لكنه أكبر منه.
المناسبة :
بعد أن رغب الله سبحانه بني إسرائيل باتباع ملة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم عن طريق إنزال الرحمة عليهم ووصفهم بأنهم المفلحون ، ذكر ثلاثة أحوال لهم ، الحال الأولى : أن بعضهم اتبعوا موسى بحق واتبعوا أيضا محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والتزموا الحق وقضوا به ، والحال الثانية : قسمتهم اثنتي عشرة فرقة بعدد أسباطهم الاثني عشر ، والحال الثالثة : انفجار الحجر اثنتي عشرة عينا بقدر عدد الأسباط لما طلبوا السقيا من موسى عليهالسلام ، وتظليلهم بالغمام ، وإنزال المن والسلوى عليهم.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى بأن طائفة من بني إسرائيل يتبعون الحق ويعدلون به ، وهم المؤمنون التائبون من بني إسرائيل ، آمنوا بموسى عليهالسلام ، وآمنوا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهم جماعة قوموا أنفسهم بالإيمان ، وأرشدوا الناس إليه ودلوهم عليه ، وهدوهم بالحق الذي جاءهم من عند الله ، ويعدلون بالحق بينهم في الحكم ، لا يجورون ، كما قال تعالى : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ ، يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ ، وَهُمْ يَسْجُدُونَ) [آل عمران ٣ / ١١٣] وقال تعالى: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ ...) الآية [آل عمران ٣ / ١٩٩] وقال عزوجل : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) [آل عمران ٣ / ٧٥].