والمقصود بالناس أيضا كل من وصل إليه خبر وجوده وخبر معجزاته وشرائعه ، وقلّ أن تجد قوما لم يبلغهم خبر ظهور محمد عليه الصلاة والسلام.
ودلت الآية أيضا على ما يثبت كونه عليه الصلاة والسلام رسولا إلى الناس جميعا ، وهو أنه مرسل من خالق العالم المتصف بالحياة والعلم والقدرة والوحدانية ، المنزه عن الشريك والوالد والولد ، القادر على الحشر والنشر والبعث والقيامة ، مالك السموات والأرضين ، المتصرف في الكون كيفما يشاء ، وأن الخلق كلهم عبيده ، وهو المنعم عليهم بأعظم النعم ، وأنه المجازي لهم بعد موتهم ، مما يقتضي تكليف الخلق بما يريد.
وما على الخلق إلا الإيمان بوحدانية الله وبربوبيته ، واتباع كلماته أي تشريعاته ، وليس من التشريع أمور الدنيا العادية من تدبير شؤون الزراعة والصناعة والتجارة المباحة والعلوم النافعة ، فتلك متروكة لعقول الناس ومعارفهم وخبراتهم ، لما ورد في الحديث الصحيح عند الشيخين : «أنتم أعلم بأمور دنياكم».
ومن كلمات الله : المعجزات الدالة على كونه نبيا حقا ؛ لأن كل شيء غريب يسمى كلمة ، والمعجزات نوعان :
معجزات ظهرت في ذاته عليه الصلاة والسلام ، وأشرفها وأهمها كونه رجلا أميا ، لم يتعلم من أستاذ ، ولم يطالع كتابا ، ولم يجالس أحدا من العلماء.
ومعجزات صدرت عنه مثل انشقاق القمر ، ونبوع الماء من بين أصابعه.
وبه يكون المراد بقوله : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ) أي يؤمن بالله وبجميع المعجزات التي أظهرها الله عليه ، وبما أنزل عليه وعلى من تقدمه من الرسل من كتبه ووحيه.