فقه الحياة أو الأحكام :
بعد أن أقر موسى بأن لا إله إلا الله تعالى ، أعلن أن الله ولينا أي القائم بأمورنا والمتولي شؤوننا ، والولي يدفع الضر ويجلب النفع ، لذا طلب منه المغفرة والرحمة لدفع الضر ، المقدم على تحصيل النفع ، ثم طلب منه تحقيق النفع وهو سؤاله الحسنة في الدنيا والآخرة.
ويناسب هذه الأشياء اشتغال العبد بالتوبة والخضوع والخشوع ، لذا قال موسىعليهالسلام: (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) أي تبنا ورجعنا إليك.
فتحقق بهذا مجموع أمرين لا بد منهما : وهما تقرير عزة الربوبية ، أي كون الله تعالى إلها وربا ووليا ، والاعتراف بذل العبودية أي كون العباد له تائبين خاضعين خاشعين.
ثم أجاب الله موسى مبينا أن عذابي أعذب به من أشاء ، وليس لأحد على اعتراض ؛ لأن الكل ملكي ، ومن تصرف في خالص ملكه ، فليس لأحد أن يعترض عليه.
وأما رحمتي فهي عامة لا نهاية لها ، ولا حد لسعتها ، وسعت كل شيء ، حتى إن البهيمة لها رحمة وعطف على ولدها.
روى الإمام أحمد وأبو داود عن جندب بن عبد الله البجلي رضياللهعنه قال : جاء أعرابي ، فأناخ راحلته ، ثم عقلها (ربطها بالحبل) ثم صلى خلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلما صلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أتى راحلته ، فأطلق عقالها (حبلها) ، ثم ركبها ، ثم نادى : اللهم ارحمني ومحمدا ، ولا تشرك في رحمتنا أحدا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أتقولون : هذا أضل أم بعيره ، ألم تسمعوا ما قال؟» قالوا : بلى ، قال : «لقد حظّرت رحمة واسعة ، إن الله عزوجل خلق مائة