نسخا.
والأمر في قوله : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ) للوجوب عند الجمهور. وقال أبو قلابة : هو ندب.
فأما المماليك فلأن في عرف الناس أن لا يتحرجوا من اطلاع المماليك عليهم إذ هم خول وتبع. وقد تقدم ذلك آنفا عند قوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) [النور : ٣١]. وأما الأطفال فلأنهم لا عناية لهم بتطلع أحوال الناس. وتقدم آنفا عند قوله : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) [النور : ٣١].
كانت هذه الأوقات أوقاتا يتجرد فيها أهل البيت من ثيابهم كما آذن به قوله تعالى : (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ) فكان من القبيح أن يرى مماليكهم وأطفالهم عوراتهم لأن ذلك منظر يخجل منه المملوك وينطبع في نفس الطفل لأنه لم يعتد رؤيته ، ولأنه يجب أن ينشأ الأطفال على ستر العورة حتى يكون ذلك كالسجية فيهم إذا كبروا.
ووجّه الخطاب إلى المؤمنين وجعلت صيغة الأمر موجهة إلى المماليك والصبيان على معنى : لتأمروا الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم أن يستأذنوا عليكم ، لأن على أرباب البيوت تأديب أتباعهم ، فلا يشكل توجيه الأمر إلى الذين لم يبلغوا الحلم.
وقوله : (الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) يشمل الذكور والإناث لمالكيهم الذكور والإناث.
وأما مسألة النظر وتفصيلها في الكبير والصغير والذكر والأنثى فهي من علائق ستر العورة المفصلة في كتب الفقه. وقد تقدم شيء من ذلك عند قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) إلى قوله : (عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) [النور : ٣١] فلا ينبغي التصدي بإيراد صورها في هذه الآية.
وتعيين الاستئذان في هذه الأوقات الثلاثة لأنها أوقات خلوة الرجال والنساء وأوقات التعري من الثياب ، وهي أوقات نوم وكانوا غالبا ينامون مجردين من الثياب اجتزاء بالغطاء ، وقد سماها الله تعالى : (عَوْراتِ).
وما بعد صلاة العشاء هو الليل كله إلى حين الهبوب من النوم قبل الفجر. وانتصب (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) على أنه مفعول مطلق ليستأذنكم لأن مرات في قوة استئذانات.
وقوله : (مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ) ظرف مستقر في محل نصب على البدل من (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) بدل مفصل من مجمل. وحرف (من) مزيد للتأكيد.