يحسن أن يتعلق ب (فاعِلُونَ) لأنه ما من مصدر إلّا ويعبر عن معناه بمادة فعل فيقال للضارب : فاعل الضرب ، وللقاتل : فاعل القتل. وإنما حاول بذلك إقامة تفسير الآية فغلّب جانب الصناعة اللفظية على جانب المعنى وجوّز الوجه الآخر على شرط تقدير مضاف ، وكلا الاعتبارين غير ملتزم.
وعقب ذكر الصلاة بذكر الزكاة لكثرة التآخي بينهما في آيات القرآن ، وإنما فصل بينهما هنا بالإعراض عن اللغو للمناسبة التي سمعت آنفا.
وهذا من آداب المعاملة مع طبقة أهل الخصاصة وهي ترجع إلى آداب التصرف في المال. والقول في إعادة الموصول وتقديم المعمول كما تقدم آنفا.
[٥ ـ ٧] (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧))
الحفظ : الصيانة والإمساك. وحفظ الفرج معلوم ، أي عن الوطء ، والاستثناء في قوله: (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ) إلخ استثناء من عموم متعلّقات الحفظ التي دلّ عليها حرف (عَلى) ، أي حافظونها على كل ما يحفظ عليه إلّا المتعلّق الذي هو أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ، فضمن (حافِظُونَ) معنى عدم البذل ، يقال : احفظ علي عنان فرسي كما يقال : أمسك عليّ كما في آية (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) [الأحزاب : ٣٧]. والمراد حل الصنفين من بين بقية أصناف النساء. وهذا مجمل تبينه تفاصيل الأحكام في عدد الزوجات وما يحل منهن بمفرده أو الجمع بينه. وتفاصيل الأحوال من حال حل الانتفاع أو حال عدة فذلك كله معلوم للمخاطبين ، وكذلك في الإماء.
والتعبير عن الإماء باسم (ما) الموصولة الغالب استعمالها لغير العاقل جرى على خلاف الغالب وهو استعمال كثير لا يحتاج معه إلى تأويل.
وقوله : (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) تصريح بزائد على حكم مفهوم الاستثناء ، لأن الاستثناء لم يدل على أكثر من كون عدم الحفظ على الأزواج والمملوكات لا يمنع الفلاح فأريد زيادة بيان أنه أيضا لا يوجب اللوم الشرعي ، فيدل هذا بالمفهوم على أن عدم الحفظ
على من سواهن يوجب اللوم الشرعي ليحذره المؤمنون.
والفاء في قوله : (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) تفريع للتصريح على مفهوم الاستثناء الذي هو