وقد تأوله الأزهري بأن قصبة الزجاجة شبهت بالمشكاة وهي الكوة فأطلق عليها مشكاة.
والمصباح : اسم للإناء الذي يوقد فيه بالزيت للإنارة ، وهو من صيغ أسماء الآلات مثل المفتاح ، وهو مشتق من اسم الصبح ، أي ابتداء ضوء النهار ، فالمصباح آلة الإصباح أي الإضاءة. وإذا كان المشكاة اسما للقصيبة التي توضع في جوف القنديل كان المصباح مرادا به الفتيلة التي توضع في تلك القصيبة.
وإعادة لفظ (الْمِصْباحُ) دون أن يقال : فيها مصباح في زجاجة ، كما قال : (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) إظهار في مقام الإضمار للتنويه بذكر المصباح لأنه أعظم أركان هذا التمثيل ، وكذلك إعادة لفظ (الزُّجاجَةُ) في قوله : (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) لأنه من أعظم أركان التمثيل. ويسمى مثل هذه الإعادة تشابه الأطراف في فن البديع ، وأنشدوا فيه قول ليلى الأخيلية في مدح الحجاج بن يوسف :
إذا أنزل الحجاج أرضا مريضة |
|
تتبع أقصى دائها فشفاها |
شفاها من الداء العضال الذي بها |
|
غلام إذا هز القناة سقاها |
سقاها فروّاها بشرب سجاله |
|
دماء رجال يحلبون صراها |
ومما فاقت به الآية عدم تكرار ذلك أكثر من مرتين.
والزجاجة : اسم إناء يصنع من الزجاج ، سميت زجاجة لأنها قطعة مصنوعة من الزجاج بضم الزاي وتخفيف الجيمين ملحقة بآخر الكلمة هاء هي علامة الواحد من اسم الجمع كأنهم عاملوا الزجاج معاملة أسماء الجموع مثل تمر ، ونمل ، ونخل ، كانوا يتخذون من الزجاج آنية للخمر وقناديل للإسراج بمصابيح الزيت لأن الزجاج شفاف لا يحجب نور السراج ولا يحجب لون الخمر وصفاءها ليعلمه الشارب.
والزجاج : صنف من الطين المطيّن من عجين رمل مخصوص يوجد في طبقة الأرض وليس هو رمل الشطوط. وهذا العجين اسمه في اصطلاح الكيمياء (سليكا) يخلط بأجزاء من رماد نبت يسمى في الكيمياء (صودا) ويسمى عند العرب الغاسول وهو الذي يتخذون منه الصابون. ويضاف إليهما جزء من الكلس (الجير) ومن (البوتاس) أو من (أكسيد الرصاص) فيصير ذلك الطين رقيقا ويدخل للنار فيصهر في أتون خاص به شديد الحرارة حتى يتميّع وتختلط أجزاؤه ثم يخرج من الأتون قطعا بقدر ما يريد الصانع أن