المسلمون إلى المدينة زال سبب النهي فنسخ ، وقد علم الناس كلهم معنى التسمية. ولم يشتهر عن السلف هذا المنع ولهذا ترجم البخاري في كتاب فضائل القرآن بقوله : «باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وسورة كذا» وأخرج فيه أحاديث تدل على أنهم قالوا سورة البقرة ، سورة الفتح ، سورة النساء ، سورة الفرقان ، سورة براءة ، وبعضها من لفظ النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعليه فللقائل أن يقول سورة البقرة أو التي يذكر فيها البقرة ، وأن يقول سورة والنجم وسورة النجم ، وقرأت النجم وقرأت والنجم ، كما جاءت هذه الإطلاقات في حديث السجود في سورة النجم عن ابن عباس.
والظاهر أن الصحابة سموا بما حفظوه عن النبي صلىاللهعليهوسلم أو أخذوا لها أشهر الأسماء التي كان الناس يعرفونها بها ولو كانت التسمية غير مأثورة ، فقد سمى ابن مسعود القنوت سورة الخلع والخنع كما مر ، فتعيّن أن تكون التسمية من وضعه ، وقد اشتهرت تسمية بعض السور في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم وسمعها وأقرها وذلك يكفي في تصحيح التسمية.
واعلم أن أسماء السور إما أن تكون بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد ، وإما أن تكون بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة لقمان وسورة يوسف وسورة البقرة ، وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها أوفى نحو سورة هود وسورة إبراهيم ، وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة ، وسورة حم عسق ، وسورة حم السجدة كما سماها بعض السلف ، وسورة فاطر. وقد سموا مجموع السور المفتتحة بكلمة حم «آل حم» ، وربما سموا السورتين بوصف واحد فقد سموا سورة الكافرون وسورة الإخلاص المقشقشتين.
واعلم أن الصحابة لم يثبتوا في المصحف أسماء السور بل اكتفوا بإثبات البسملة في مبدأ كل سورة علامة على الفصل بين السورتين ، وإنما فعلوا ذلك كراهة أن يكتبوا في أثناء القرآن ما ليس بآية قرآنية ، فاختاروا البسملة لأنها مناسبة للافتتاح مع كونها آية من القرآن وفي «الإتقان» أن سورة البينة سمّيت في مصحف أبيّ سورة أهل الكتاب ، وهذا يؤذن بأنه كان يسمي السور في مصحفه. وكتبت أسماء السور في المصاحف باطراد في عصر التابعين ولم ينكر عليهم ذلك. قال المازري في «شرح البرهان» عن القاضي أبي بكر الباقلاني : إن أسماء السور لما كتبت المصاحف كتبت بخط آخر لتتميز عن القرآن ، وإن البسملة كانت مكتوبة في أوائل السور بخط لا يتميز عن الخط الذي كتب به القرآن.
وأما ترتيب آيات السورة فإن التنجيم في النزول من المعلوم كما تقدم آنفا ، وذلك في آياته وسوره فربما نزلت السورة جميعا دفعة واحدة كما نزلت سورة الفاتحة وسورة