وقوله : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) أي فقد تبين أنهم ليسوا طالبي هدى ولا حق إذ لا أبين من دعوتكم إياهم ولا إنصاف أظهر من هذه الحجة.
والشقاق شدة المخالفة ، مشتق من الشق بفتح الشين وهو الفلق وتفريق الجسم ، وجيء بفي للدلالة على تمكن الشقاق منهم حتى كأنه ظرف محيط بهم. والإتيان بإن هنا مع أن توليهم هو المظنون بهم لمجرد المشاكلة لقوله : (فَإِنْ آمَنُوا).
وفرع قوله : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) على قوله : (فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) تثبيتا للنبي صلىاللهعليهوسلم لأن إعلامه بأن هؤلاء في شقاق مع ما هو معروف من كثرتهم وقوة أنصارهم مما قد يتحرج له السامع فوعده الله بأنه يكفيه شرهم الحاصل من توليهم.
والسين حرف يمحض المضارع للاستقبال فهو مختص بالدخول على المضارع وهو كحرف سوف والأصح أنه لا فرق بينهما في سوى زمان الاستقبال. وقيل إن سوف أوسع مدى واشتهر هذا عند الجماهير فصاروا يقولون سوّفه إذا ماطل الوفاء بالآخر ، وأحسب أنه لا محيص من التفرقة بين السين وسوف في الاستقبال ليكون لموقع أحدهما دون الآخر في الكلام البليغ خصوصية ثم إن كليهما إذا جاء في سياق الوعد أفاد تخفيف الوعد ومنه قوله تعالى : (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) [مريم : ٤٧] فالسين هنا لتحقيق وعد الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بأنه يكفيه سوء شقاقهم.
ومعنى كفايتهم كفاية شرهم وشقاقهم فإنهم كانوا أهل تعصب لدينهم وكانوا معتضدين بأتباع وأنصار وخاصة النصارى منهم ، وكفاية النبي كفاية لأمته لأنه ما جاء لشيء ينفع ذاته.
(وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي السميع لأذاهم بالقول العليم بضمائرهم أي اطمئن بأن الله كافيك ما تتوجس من شرهم وأذاهم بكثرتهم ، وفي قوله : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وعد ووعيد.
[١٣٨] (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨))
هذا متصل بالقول المأمور به في (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ) [البقرة : ١٣٦] وما بينها اعتراض كما علمت والمعنى آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل الأنبياء من قبل إيمانا صبغة الله.
وصبغة ـ بكسر الصاد ـ أصلها صبغ بدون علامة تأنيث وهو الشيء الذي يصبغ به