أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ) [غافر : ٧٣] (مِنْ دُونِ اللهِ) إلى آخر الآيات. فقوله : (فِي الْحَمِيمِ) متصل بقوله : (يُسْحَبُونَ) وقوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) متّصل بقوله (تُشْرِكُونَ). وينبغي الوقف عند نهاية كلّ آية منها.
وقوله تعالى : (وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) آية. وقوله : (مِنْ دُونِهِ) ابتداء الآية بعدها في سورة هود [٥٤].
ألا ترى أن من الإضاعة لدقائق الشعر أن يلقيه ملقيه على مسامع الناس دون وقف عند قوافيه فإنّ ذلك إضاعة لجهود الشعراء ، وتغطية على محاسن الشعر ، وإلحاق للشعر بالنثر. وإنّ الفاء السجع دون وقوف عند أسجاعه هو كذلك لا محالة. ومن السذاجة أن ينصرف ملقي الكلام عن محافظة هذه الدقائق فيكون مضيعا لأمر نفيس أجهد فيه قائله نفسه وعنايته. والعلّة بأنّه يريد أن يبين للسامعين معاني الكلام ، فضول ، فإن البيان وظيفة ملقي درس لا وظيفة منشد الشعر ، ولو كان هو الشاعر نفسه.
وفي «الإتقان» عن أبي عمرو قال بعضهم : الوقف على رءوس الآي سنة. وفيه عن البيهقي في «شعب الإيمان» : الأفضل الوقف على رءوس الآيات وإن تعلّقت بما بعدها اتّباعا لهدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسنته ، وفي «سنن أبي داود» عن أم سلمة أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا قرأ قطّع قراءته آية آية يقول : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). ثم يقف : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). ثم يقف : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة : ١ ـ ٣] ثم يقف.
على أن وراء هذا وجوب اتّباع المأثور من تحديد الآي كما قال ابن العربي والزمخشري ولكن ذلك لا يصدنا عن محاولة ضوابط تنفع الناظر وإن شذّ عنها ما شذّ. ألا ترى أنّ بعض الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض السور قد عدّ بعضها آيات مثل : الم ، المص ، كهيعص ، عسق ، طسم ، يس ، حم ، طه. ولم تعد : الر ، المر ، طس ، ص ، ق ، ن ، آيات.
وآيات القرآن متفاوتة في مقادير كلماتها فبعضها أطول من بعض ولذلك فتقدير الزمان بها في قولهم مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية مثلا ، تقدير تقريبي ، وتفاوت الآيات في الطول تابع لما يقتضيه مقام البلاغة من مواقع كلمات الفواصل على حسب ما قبلها من الكلام.
وأطول آية قوله تعالى : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) إلى قوله :