عليهالسلام ، وظاهر كلامه أن ذلك نسخ بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإما نسخ بإجماع الصحابة أو بوصاية من النبي صلىاللهعليهوسلم ، واستدلوا على ذلك بقول عمر : إن القرآن نزل بلسان قريش ، وبنهيه عبد الله بن مسعود أن يقرأ : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) [الصافات : ١٧٨] وهي لغة هذيل في حتى ، وبقول عثمان لكتّاب المصاحف فإذا اختلفتم في حرف فاكتبوه بلغة قريش فإنما نزل بلسانهم ، يريد أن لسان قريش هو الغالب على القرآن ، أو أراد أنه نزل بما نطقوا به من لغتهم وما غلب على لغتهم من لغات القبائل إذ كان عكاظ بأرض قريش وكانت مكة مهبط القبائل كلها.
ولهم في تحديد معنى الرخصة بسبعة أحرف ثلاثة أقوال : الأول أن المراد بالأحرف الكلمات المترادفة للمعنى الواحد ، أي أنزل بتخيير قارئه أن يقرأه باللفظ الذي يحضره من المرادفات تسهيلا عليهم حتى يحيطوا بالمعنى ، وعلى هذا الجواب فقيل المراد بالسبعة حقيقة العدد وهو قول الجمهور فيكون تحديدا للرخصة بأن لا يتجاوز سبعة مرادفات أو سبع لهجات أي من سبع لغات ؛ إذ لا يستقيم غير ذلك لأنه لا يتأتى في كلمة من القرآن أن يكون لها ستة مرادفات أصلا ، ولا في كلمة أن يكون فيها سبع لهجات إلا كلمات قليلة مثل (أُفٍّ) [الإسراء : ٢٣] و (جِبْرِيلَ) [البقرة : ٩٨] و (أَرْجِهْ) [الأعراف : ١١١].
وقد اختلفوا في تعيين اللغات السبع ، فقال أبو عبيدة وابن عطية وأبو حاتم والباقلاني هي من عموم لغات العرب وهم : قريش ، وهذيل ، وتيم الرّباب ، والأزد ، وربيعة ، وهوازن ، وسعد بن بكر من هوازن ، وبعضهم يعد قريشا ، وبني دارم ، والعليا من هوازن وهم سعد بن بكر ، وجشم ابن بكر ، ونصر بن معاوية ، وثقيف ، قال أبو عمرو بن العلاء أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم وهم بنو دارم. وبعضهم يعد خزاعة ويطرح تميما ، وقال أبو علي الأهوازي وابن عبد البر وابن قتيبة هي لغات قبائل من مضر وهم قريش وهذيل وكنانة وقيس وضبّة وتيم الرّباب ، وأسد بن خزيمة ، وكلها من مضر.
القول الثاني : لجماعة منهم عياض أن العدد غير مراد به حقيقته ، بل هو كناية عن التعدد والتوسع ، وكذلك المرادفات ولو من لغة واحدة كقوله : (كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القارعة : ٥] وقرأ ابن مسعود (كالصوف المنفوش) ، وقرأ أبيّ (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) [البقرة : ٢٠] مرّوا فيه ـ سعوا فيه ، وقرأ ابن مسعود : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) ـ أخرونا ـ أمهلونا ، وأقرأ ابن مسعود رجلا : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) [الدخان : ٤٣ ، ٤٤] فقال الرجل طعام اليتيم ، فأعاد له فلم يستطع أن يقول الأثيم فقال له ابن مسعود : أتستطيع أن