حجارة وهي مشتقة من القري ـ بفتح فسكون وبالياء ـ وهو الجمع يقال : قرى الشيء يقريه إذا جمعه وهي تطلق على البلدة الصغيرة وعلى المدينة الكبيرة ذات الأسوار والأبواب كما أريد بها هنا بدليل قوله : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً). وجمع القرية قرى بضم القاف على غير قياس لأن قياس فعل أن يكون جمعا لفعلة بكسر الفاء مثل كسوة وكسى وقياس جمع قرية أن يكون على قراء بكسر القاف وبالمد كما قالوا : ركوة وركاء وشكوة وشكاء.
وقوله : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) مراد به باب القرية لأن أل متعينة للعوضية عن المضاف إليه الدال عليه اللفظ المتقدم. ومعنى السجود عند الدخول الانحناء شكرا لله تعالى لا لأن بابها قصير كما قيل ، إذ لا جدوى له. والظاهر أن المقصود من السجود مطلق الانحناء لإظهار العجز والضعف كيلا يفطن لهم أهل القرية وهذا من أحوال الجوسسة ، ولم تتعرض لها التوراة ويبعد أن يكون السجود المأمور به سجود الشكر لأنهم داخلون متجسسين لا فاتحين وقد جاء في الحديث الصحيح أنهم بدلوا وصية موسى فدخلوا يزحفون على أستاههم كأنهم أرادوا إظهار الزمانة فأفرطوا في التصنع بحيث يكاد أن يفتضح أمرهم لأن بعض التصنع لا يستطاع استمراره.
وقوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) الحطة فعلة من الحط وهو الخفض وأصل الصيغة أن تدل على الهيئة ولكنها هنا مراد بها مطلق المصدر ، والظاهر أن هذا القول كان معروفا في ذلك المكان للدلالة على العجز أو هو من أقوال السّؤّال والشحاذين كيلا يحسب لهم أهل القرية حسابا ولا يأخذوا حذرا منهم فيكون القول الذي أمروا به قولا يخاطبون به أهل القرية.
وقيل : المراد من الحطة سؤال غفران الذنوب أي حط عنا ذنوبنا أي اسألوا الله غفران ذنوبكم إن دخلتم القرية. وقيل : من الحط بمعنى حط الرحال أي إقامة أي ادخلوا قائلين إنكم ناوون الإقامة بها إذ الحرب ودخول ديار العدو يكون فتحا ويكون صلحا ويكون للغنيمة ثم الإياب. وهذان التأويلان بعيدان ولأن القراءة بالرفع وهي المشهورة تنافي القول بأنها طلب المغفرة لأن المصدر المراد به الدعاء لا يرتفع على معنى الإخبار نحو سقيا ورعيا وإنما يرتفع إذا قصد به المدح أو التعجب لقربهما من الخبر دون الدعاء ولا يستعمل الخبر في الدعاء إلا بصيغة الفعل نحو رحمهالله ويرحمهالله.
و (حطة) بالرفع على أنه مبتدأ أو خبر نحو سمع وطاعة وصبر جميل.
والخطايا جمع خطيئة ولامها مهموزة فقياس جمعها خطائئ بهمزتين بوزن فعائل