فقلت لها لا والذي حجّ حاتم |
|
أخونك عهدا إنني غير خوّان |
تقديره حج حاتم إليه.
وتنكير النفس في الموضعين وهو في حيز النفي يفيد عموم النفوس أي لا يغني أحد كائنا من كان فلا تغني عن الكفار آلهتهم ولا صلحاؤهم على اختلاف عقائدهم في غناء أولئك عنهم ، فالمقصود نفي غنائهم عنهم بأن يحولوا بينهم وبين عقاب الله تعالى ، أي نفي أن يجزوا عنهم جزاء يمنع الله عن نوالهم بسوء رعيا لأوليائهم ، فالمراد هنا الغناء بحرمة الشخص وتوقع غضبه وهو غناء كفء العدو الذي يخافه العدو على ما هو معروف عند الأمم يومئذ من اتقائهم بطش مولى أعدائهم وإحجامهم عما يوجب غضبه تقية من مكره أو ضره أو حرمان نفعه قال السموأل :
وما ضرنا أنا قليل وجارنا |
|
عزيز وجار الأكثرين ذليل |
وقال العنبري :
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي |
|
بنو الشقيقة من ذهل بن شيبان |
وبهذا يتبين أن مفاد قوله : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) مغاير لمفاد ما ذكر بعده بقوله : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) إلخ فقوله : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) ، هو بمعنى قوله تعالى : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار : ١٩].
وقوله : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) الضميران عائدان للنفس الثانية المجرورة بعن أي لا يقبل من نفس شفاعة تأتي بها ولا عدل تعتاض به لأن المقصود الأصلي إبطال عقيدة تنصل المجرم من عقاب الله ما لم يشإ الله ؛ ليكون الضمير في قوله : (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) راجعا إلى مرجع الضميرين قبله. وهذا التأييس يستتبع تحقير من توهمهم الكفرة شفعاء وإبطال ما زعموه مغنيا عنهم من غضب الله من قرابين قربوها ومجادلات أعدوها وقالوا : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨]. (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها) [النحل : ١١١].
ومن المفسرين من فسر قوله : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) بما يعم الإجزاء فجعل ما هو مذكور بعده من عطف الخاص على العالم ولذلك قال الشيخ ابن عطية : «حصرت هذه الآية المعاني التي اعتاد بها بنو آدم في الدنيا فإن الواقع في شدة لا يتخلص إلا بأن يشفع له أو يفتدى أو ينصر» ا ه وألغى جمعها لحالة أن يتجنب الناس إيقاعه في