غلبهم في الحروب ليكون ذلك باعثا على أخذ الثأر.
وعطف (وَقُلْنَا اهْبِطُوا) بالواو دون الفاء لأنه ليس متفرّع عن الإخراج بل هو متقدم عليه ولكن ذكر الإخراج قبل هذا لمناسبة سياق ما فعله الشيطان وغروره بآدم فلذلك قدم قوله : (فَأَخْرَجَهُما) إثر قوله : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ). ووجه جمع الضمير في (اهْبِطُوا) قيل لأن هبوط آدم وحواء اقتضى أن لا يوجد نسلهما في الجنة فكان إهباطهما إهباطا لنسلهما ، وقيل الخطاب لهما ولإبليس وهو وإن أهبط عند إبايته السجود كما أفاده قوله تعالى في سورة الأعراف (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) [الأعراف : ١٢ ، ١٣] إلى قوله (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) [الأعراف : ١٨] إلى قوله (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [الأعراف : ١٩] فهذا إهباط ثان فيه تحجير دخول الجنة عليه والإهباط الأول كان إهباط منع من الكرامة مع تمكينه من الدخول للوسوسة وكلا الوجهين بعيد ، فالذي أراه أن جمع الضمير مراد به التثنية لكراهية توالي المثنيات بالإظهار والإضمار من قوله : (وَكُلا مِنْها رَغَداً) [البقرة : ٣٥] والعرب يستثقلون ذلك قال امرؤ القيس :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
|
يقولون لا تهلك أسى وتجمل |
وإنما له صاحبان لقوله : «قفا نبك» إلخ وقال تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) وسيأتي في سورة التحريم [٤].
وقوله : (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) يحتمل أن يراد بالبعض بعض الأنواع وهو عداوة الإنس والجن. إن كان الضمير في (اهْبِطُوا) لآدم وزوجه وإبليس ، ويحتمل أن يراد عداوة بعض أفراد نوع البشر ، إن كان ضمير (اهْبِطُوا) لآدم وحواء فيكون ذلك إعلاما لهما بأثر من آثار عملهما يورث في بنيهما ، ولذلك مبدأ ظهور آثار الاختلاف في تكوين خلقتهما بأن كان عصيانهما يورث في بنيهما ، ولذلك مبدأ ظهور آثار الاختلال في تكوين خلقتهما بأن كان عصيانهما يورث في أنفسهما وأنفس ذريتهما داعية التغرير والحيلة على حد قوله تعالى : (إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) فإن الأخلاق تورث وكيف لا وهي مما يعدى بكثرة الملابسة والمصاحبة وقد قال أبو تمام :
لأعديتني بالحلم إن العلا تعدي
ووجه المناسبة بين هذا الأثر وبين منشئه الذي هو الأكل من الشجرة أن الأكل من