العمري ثقة.
ولو قيل انّه ليس على حجية قول الثقة إلّا دليل واحد ، وهو السيرة العقلائية فقط وسائر الأدلّة إرشاد إليها أو بيان لصغريات القاعدة لم يقل قولاً مجازفاً.
ثمّ إنّ الشيخ الطوسي «جعل سيرة الأصحاب على العمل بخبر الواحد دليلاً على الحجّية ، وبما انّ سيرتهم كانت بمرأى ومسمع من الأئمّة ، تكشف عن إمضائهم لها» ، ولكن الحقّ انّ سيرة أصحابنا لم تكن سيرة منقطعة عن سيرة العقلاء بل كانت متفرعة عنها ، وبما انّ دليل الشيخ من أتقن الأدلة على حجّية قول الثقة نذكر عبارته في المقام ، حيث يقول :
إنّي وجدت الفرقة المحقّة مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ودوّنوها في أُصولهم ، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه حتى أنّ واحداً منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه ، سألوه من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور ، وكان راويه ثقة لا يُنكر حديثه ، سكتوا وسلّموا الأمر في الله وقبلوا قوله ، وهذه عادتهم وسجيّتهم من عهد النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ومن بعده من الأئمّة (عليهمالسلام) ، ومن زمن الصادق جعفر بن محمد (عليهماالسلام) الذي انتشر العلم عنه وكثرت الرواية من جهته ، فلولا أنّ العمل بهذه الأخبار كان جائزاً لما أجمعوا على ذلك ولأنكروه ، لأنّ إجماعهم فيه معصوم لا يجوز عليه الغلط والسهو. (١)
ثمّ إنّ الشيخ وان عبر في المقام بلفظ الإجماع الموهِم انّه استدلّ بالإجماع ، ولكنّه في الحقيقة احتجاج بالسيرة العملية للأصحاب ، المستمدة من السيرة العقلائية.
__________________
(١). العدة في أُصول الفقه : ١٢٦ / ١ ، ط عام ١٣٧٦ ه.