فينتج انّ العقاب على محتمل التكليف أمر قبيح.
الإشكال على كبرى البرهان
ثمّ إنّ السيد الشهيد الصدر قدِّس سرُّه استشكل على كبرى هذا البرهان وأنكر قبح العقاب بلا بيان بتأسيس مسلك «حق الطاعة لله سبحانه» ، فقال :
والذي ندركه بعقولنا انّ مولانا سبحانه وتعالى ، له حقّ الطاعة في كلّ ما ينكشف لنا من تكاليفه بالقطع أو بالظن أو بالاحتمال ، ما لم يرخص هو نفسه في عدم التحفّظ.
وعلى ذلك فليست منجّزية القطع ثابتة له بما هو قطع بل بما هو انكشاف وانّ أيّ انكشاف ، منجِّز ، مهما كانت درجته ما لم يحرز ترخيص الشارع نفسه في عدم الاهتمام به.
نعم كلما كان الانكشاف بدرجة أكبر كانت الإدانة وقبح المخالفة أشد ، فالقطع بالتكليف يستتبع لا محالة مرتبة أشدّ من التنجز والإدانة ، لأنّها المرتبة العليا من الانكشاف ، وبهذا يظهر انّ القطع لا يتميز عن الظن والاحتمال في أصل المنجزية ، وإنّما يتميز عنهما في عدم إمكان تجريده عن تلك المنجزية (بأن يرخص على خلاف ما قطع) لانّ الترخيص في مورده مستحيل ، وليس كذلك في حالات الظن والاحتمال ، فانّ الترخيص الظاهري فيها ممكن لأنّه لا يتطلب أكثر من فرض الشك والشكّ موجود.
ومن هنا صحّ أن يقال بأنّ منجزية القطع غير معلقة بل ثابتة على الإطلاق وانّ منجزية غيره من الظن والاحتمال معلقة لأنّها مشروطة بعدم إحراز الترخيص الظاهري في ترك التحفظ. (١)
__________________
(١). دروس في علم الأُصول : الحلقة الثانية : ٣٢ ٣٣.