الأصل الثاني
أصالة التخيير
وقبل الخوض في المقصود نقدّم أُموراً :
الأوّل : كان الواجب على علماء الأُصول المتأخرين عقد فصل خاص لأصالة التخيير كبقية الأُصول العملية غير انّهم بحثوا قسماً منه في أصالة البراءة وقسماً آخر في أصالة الاحتياط ، وصار ذلك سبباً لغموض البحث وعدم وقوف الطالب على مجرى أصالة التخيير. بصورة واضحة.
الثاني : انّ الميزان في جريان أصالة التخيير هو عدم إمكان الاحتياط ، أعني الموافقة القطعية ، سواء أكانت المخالفة القطعية أيضاً ممتنعة كما في دوران الأمر بين الوجوب والحرمة في واقعة واحدة ، كشرب مائع مردد بين الحلف على فعله أو تركه في ليلة واحدة ، أو كانت ممكنة كتردده بينهما مع تعدد الواقعة ككل ليلة جمعة إلى شهر.
الثالث : انّ دوران الأمر بين المحذورين يجتمع تارة مع الشكّ في التكليف إذا كان نوعه مجهولاً ، ومع الشكّ في المكلف به إذا كان نوعه معلوماً والمتعلّق مردداً بين أمرين غير قابلين للاحتياط :
أمّا الأوّل : كتردد العبادة في أيام الاستظهار بين كونها واجبة أو محرمة ، فهنا تكليف واحد مجهول نوعه ، فلو كانت المرأة حائضاً فنوع التكليف هو الحرمة ولو كانت مستحاضة فنوع التكليف هو الوجوب.
وأمّا الثاني : كما إذا علم أنّ واحدة من الصلاتين واجبة وأُخرى محرمة ، وتردد