إذا علمت ذلك ، فالمشهور بين الأُصوليّين المتأخّرين عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي.
ادلّة الطرفين
استدل القائل بعدم وجوب الاجتناب بأنّ وجوب الاجتناب عن الملاقي من شئون ملاقاة النجس لا من شئون محتمل النجاسة وإن حكم على المحتمل بوجوب الاجتناب مقدمة.
وذلك لأنّ الشكّ في طهارة الملاقي ناشئ من طهارة الملاقى ونجاسته ، فليس الأصل (الطهارة) الجاري في الملاقي ، في رتبة الأصل الجاري في الملاقى في رتبة واحدة ، وبما أنّ أصالة الطهارة في الملاقى معارضة لأصالة الطهارة في الطرف الآخر فتتعارضان وتتساقطان ، فيجري الأصل في الملاقي بلا معارض.
والحاصل : أنّ الأصل يجري في الملاقى والطرف الآخر ثمّ يتساقطان ، ولا يجري في الملاقي حين جريانه في الملاقى لتأخّر رتبته عن الملاقى والمفروض انّ الأصلين فيهما تعارضا وتساقطا ، فيكون الأصل في جانب الملاقي بلا معارض.
استدل القائل بالاجتناب عن الملاقي بأنّه بعد العلم بالملاقاة يتبدّل العلم ، الثُنائي الأطراف ، إلى ثُلاثي الأطراف ، فيحصل العلم إمّا بنجاسة الملاقي والملاقى أو ذاك الطرف ، وذلك لاتحاد حكم الملاقى والملاقي ، فلو كان الأوّل طرفاً للعلم ، فالثاني أيضاً كذلك ، وعليه يجب الاجتناب عن الجميع لتحصيل العلم بالاجتناب عن النجس الموجود في البين.
يلاحظ عليه : بما مرّ في التنبيه الثالث من أنّه يشترط في تنجيز العلم الإجمالي أن يكون محدِثاً للتكليف على كلّ تقدير ، فلو أحدث على تقدير دون آخر فلا