تنبيهات
إنّ في المقام أُموراً يلزم التنبيه عليها ، لأنّ لها دوراً هاماً في استنباط الأحكام.
التنبيه الأوّل : في حكومة الأصل الموضوعي على البراءة والحلية
من المعروف انّ الأُصول الموضوعية التي تجري في الموضوع وتُنقّح حاله مقدمة على الأُصول الحكمية كأصالة البراءة والحلّية بيانه :
إنّ موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان ، وموضوع البراءة الشرعية هو الشكّ في الحكم الشرعي ، فلو كان هناك أصل آخر يصلح لأن يكون بياناً أو رافعاً للشكّ تعبّداً فلا يبقى موضوع لأصل البراءة ، ولهذا اشتهر أنّ الأصل المنقِّح للموضوع ، حاكم على أصل البراءة ، أو أصالة الحلّية.
فمثلاً : إذا شككنا في تذكية حيوان على النحو الوارد في الشرع فمقتضى الأصل الحكمي هو الحليّة ، لدخوله تحت قوله : «كلّ شيء حلال حتّى تعرف انّه حرام بعينه» ، ولكنّه محكوم بأصل موضوعيّ آخر أعني أصالة عدم التذكية ، وهو أصل موضوعي ينقِّح حال الموضوع ، ويُحرِز انّه غير مذكى ، وبطبع الحال يكون محرّماً لا حلالاً ، وهذا الأصل عبارة عن استصحاب عدم التذكية ، لأنّه حينما كان حيّاً لم يكن مذكى ، وبعد زهوق روحه نشكّ في تذكيته ، فاستصحاب عدم التذكية مقدّم على أصالة الحل ، وذلك لأنّ الشكّ في الحليّة مُسَبب عن الجهل بحال الموضوع وأنّه هل وردت عليه التذكية أو لا؟ فإذا ثبت حال الحيوان بالاستصحاب ، وحكم عليه بعدم التذكية ، لا يبقى الشكّ في حرمته ، وهذا ما يعبر عنه بتعبيرين :