هنا عند أكثر
المفسرين ، ويؤيده ما جاء في الآية ٩٦ من سورة الأنعام (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ
سَكَناً) ومهما يكن فإن الله سبحانه هو رب الصبح والخلق كله .. وقد
أمر نبيه الكريم ان يعتصم به (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) أي من شر كل ذي شر إنسانا كان أم غير انسان .. وما من مخلوق
إلا وفيه الأهلية التامة للخير والشر ، قوة موجبة وأخرى سالبة ، ولا شيء في الوجود
خير محض بذاته إلا خالق الوجود. أنظر ج ٢ ص ٣٨٤ فقرة «ليس بالإمكان أبدع مما كان»
.. وبعد أن أمر سبحانه نبيه الأكرم أن يتعوذ من شر كل ذي شر خص بالذكر ما أشار
اليه فيما يلي :
(وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ
إِذا وَقَبَ). الغاسق هو الليل المظلم ، والوقب هنا الدخول ، والمراد
بشرّ الليل ما يحدث فيه من مكروه كتنفيذ الدسائس والمؤامرات ، والسرقة والاغتيالات
، والفسق والفجور ، وما الى ذلك من شر يدبر بليل.
(وَمِنْ شَرِّ
النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ). ليس المراد بالنفاثات هنا الساحرات أو جماعات السحرة
ذكورا وإناثا كما قال كثير من المفسرين .. كلا ، وانما المراد كل مشعوذ محتال
يتاجر بالشعارات والمبادئ سواء أنفث في العقد مدعيا تسخير الجن كذبا ونفاقا ، أم
لم ينفث .. وخص سبحانه النفاثات بالذكر لأنها مظهر الشعوذة وعنوان النفاق.
وروى الرواة عن
عائشة ان يهوديا اسمه لبيد بن الأعصم سحر النبي (ص) وأثّر فيه سحره حتى كان يخيل
له ان يفعل الشيء وهو لا يفعله ، وان هذه السورة والتي بعدها نزلت في ذلك!. وهذه
الرواية يجب طرحها شرعا وعقلا ، أما عقلا فلأن النبي معصوم لا ينطق إلا بالوحي ،
فيستحيل ان يخيل له انه يوحى اليه ولا يوحى اليه ، وأما شرعا فلأن الله سبحانه قد
كذّب السحر وأهله حيث قال عز من قائل ، (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ
مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى
ـ الى قوله ـ وَلا يُفْلِحُ
السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) ـ ٦٦ طه». وأيضا كذّب المشركين الذين وصفوا النبي بالمسحور
: (إِذْ يَقُولُ
الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) ـ ٤٧ الإسراء. أنظر ما كتبناه عن السحر وحكمه في ج ١ ص ١٦٤
وفي ج ٣ ص ٣٧٩ بعنوان «حول السحر».
ومن الطريف ما
نقله الشيخ محمد عبده عن كثير من المقلدين على حد تعبيره ، حيث قالوا : لقد صح
الخبر بتأثير السحر في نفس رسول الله (ص) ومن أنكر