واعترفوا بأنهم في التبعة والطغيان سواء ، ودعوا على أنفسهم بالموت والهلاك ، وسألوا الله العفو والمغفرة وقالوا : (عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ). هذا دعاء ورجاء منهم الى الله سبحانه أن يصفح عما سلف ، ويعوضهم خيرا مما فات .. والله يقبل التوبة من عباده ويعفو عن كثير ، ويجيب دعوة الداعي إذا دعاه بصدق واخلاص (كَذلِكَ الْعَذابُ). هكذا يفعل الله في الدنيا بالعصاة والطغيان ، فيسلط عليهم وعلى أموالهم الآفات والنكبات متى شاء ، فليحذر الذين يعرضون عن أمر الله ان يصيبهم ما أصاب أصحاب البستان ، وهم نائمون (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ). قال الرازي : هذا واضح لا يحتاج الى تفسير ، وأبى الشيخ المراغي إلا أن يفسره بقوله : «أي ان عذاب الآخرة أشد وأنكى من عذاب الدنيا».
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣))