والأرض وتمهيدها ، والنفس واستعدادها ، أقسم بذلك كله ان التقي هو الرابح الناجح ، والمجرم هو الخائب الخاسر ، والتفصيل فيما يلي :
(وَالشَّمْسِ وَضُحاها). أقسم سبحانه بالشمس من حيث هي ظهرت أم احتجبت لأنها خلق عظيم ، وأيضا أقسم بضيائها لأن المراد بالضحو هنا الظهور والوضوح ، فإذا أضيف الى الشمس كان معنى ضحاها ضياءها (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها). ضمير تلاها يعود الى الشمس ، والمعنى ان الله سبحانه أقسم بالقمر حين يتصل ضوءه بضوء الشمس بحيث لا تفصل الظلمة بينهما ، وذلك في الليالي البيض : الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها). أيضا الهاء في جلاها تعود الى الشمس ، والمعنى انه تعالى أقسم بالنهار الذي أظهر الشمس وأبرزها للعيان جلية واضحة ، والغرض من القسم بالضياء التنبيه الى فوائده العظمى لنشكر الله ونحمده.
(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها). أيضا الهاء تعود الى الشمس ، واقسم ، جلت حكمته ، بالليل حين يغطي ضوء الشمس ، ولا يبقى لها من أثر ، لا مباشرة كما هي الحال في النهار ، ولا بواسطة ضوء القمر المستفاد من الشمس ، وذلك في الليلة الأولى والأخيرة من الشهر الهلالي حيث لا يظهر الهلال للعيان أو يظهر ضعيفا .. ولليل منافع كما للنهار ، ومن منافع الليل السكينة والراحة.
(وَالسَّماءِ وَما بَناها) اي وبنائها لأن «ما» هنا مصدرية ، والمراد بناء ما فيها من الكواكب السابحة في أفلاكها ، وشد بعضها بعضا برباط الجاذبية. وتقدم مثله في الآية ٤٧ من سورة الذاريات و ٦ من سورة ق و ١٢ من سورة النبأ (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) أي وطحوها ، وفي الآية ٣١ من سورة النازعات : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) والدحو والطحو بمعنى واحد ، وهو البسط والتمهيد. وتقدم مثله في العديد من الآيات منها الآية ٢٢ من سورة البقرة.
(وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) أي وتسويتها ، والنفس شيء يكون به الإنسان إنسانا ، والحيوان حيوانا ، ولا نعرف هذا الشيء بحقيقته بل بآثاره كالنمو والحركة والسمع