هو فضل عليك من الله ، وكرامة خصك بها ، وأي فضل وكرامة أعظم من التوفيق الى عمل الخير؟. وسبق أكثر من مرة ان النهي يصح حتى ولو لم يكن المخاطب به عازما على فعل المنهيّ عنه ، بالاضافة الى ان أوامر الله ونواهيه تعم جميع عباده حتى المتقين .. وفي نهج البلاغة : لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث : باستصغارها لتعظم ، وباستكتامها لتظهر ، وبتعجيلها لتهنؤ.
(وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ). وما أمر الله نبيّه الكريم بشيء من تكاليف الدعوة والنبوة إلا وقرن ذلك بالأمر بالصبر ـ على ما قيل ـ لعلمه تعالى بأنه سيلاقي الأذى المرير من المتمردين والمعاندين (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) فإذا نقر في الناقور مثل : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) ١٠١ المؤمنون ج ٥ ص ٣٩٠ ، وذلك اشارة الى يوم القيامة المفهوم من سياق الكلام .. بعد أن أمر سبحانه نبيه الكريم بالصبر على أذى المكذبين هددهم بيوم القيامة ، وهو عليهم شديد وعسير لا يسر معه ولا بعده. وسبق الكلام في عشرات الآيات عما أعد الله في هذا اليوم للمجرمين من طعام وشراب ، وأليم العذاب.
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (١٢) وَبَنِينَ شُهُوداً (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلاَّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْها تِسْعَةَ