يلتقوا معهم بأية صلة مهما كانت الدواعي والأسباب ، لأنهم أعداء الله وأعداء من آمن به (وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ). تشير هذه الآية الى السبب الموجب للنهي عن اتخاذ أعداء الحق أولياء وأصدقاء ، وهو أولا انهم كفروا بالقرآن ونبوة محمد (ص) تمردا وعنادا للحق. ثانيا انهم أخرجوا النبي ومن آمن به من ديارهم لا لشيء إلا لأنهم عبدوا الله وحده ونبذوا الشرك وعبادة الأصنام (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي). ما دمتم قد تركتم الأهل والأوطان لإعلاء كلمة الله فكيف توالون أعداء الله؟. وهل يجتمع في قلب واحد مودة الله ومودة أعدائه؟. فأنّى تصرفون؟.
(تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ). أتوادون سرا أعداء الله ، وتحسبون ان الله لا يعلم سريرتكم وأسراركم؟. كيف وكل سر عنده علانية ، وكل غيب عنده شهادة؟ (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ). هذا تهديد ووعيد لكل من حاد عن طريق الهدى والحق بخاصة الخائنين والمتآمرين (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ). لو سنحت الفرصة لأعداء الحق وظفروا بالمؤمنين لسلقوهم بألسنة حداد ، وبسطوا اليهم الأيدي بالضرب والقتل (وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ). هذه هي أمنية الشيطان بالذات الذي لا يريد للإنسان إلا الضلال والهلاك ، وأي عداء أعظم من هذا العداء؟ (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). لا الأموال والأولاد ، ولا العلوم والأنساب تجدي نفعا يوم الحساب والجزاء إلا العمل الصالح. وتكرر هذا المعنى في العديد من الآيات ، منها الآية ١١٦ من سورة آل عمران.
(قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا