هذه وما اليها يقدر بالحجم والمنفعة معا ، وقد يقاس بالكم فقط كأصوات الذين ينتخبون المخاتير والنواب ومن اليهم من الرؤساء ، فإن صوت العالم والجاهل والعادل والفاجر سواء بالنسبة لفوز المرشح أو فشله ، وقد يقاس بالكيف فقط كالدواء حيث يقدر بأثره شفاء ووقاية .. والبذل من هذا الباب فقد ينفق الإنسان على معبد ـ مثلا ـ عشرات الألوف ولا يكون له من الأجر عند الله ما لرغيف ينقذ به جائعا من الهلاك .. ومن هنا نفى سبحانه المساواة بين من أنفق وقاتل قبل فتح مكة وبين من أنفق وقاتل بعده حيث كان المسلمون قبل الفتح في ضيق وحرج ، وكان الكافرون في سعة وقوة ، أما بعد الفتح فعلى العكس ، ضعف الكفر ، وقوي الإسلام.
(أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). أولئك اشارة الى السابقين الأولين ، والمعنى ان لكل من السابق واللاحق في الخيرات أجره وثوابه عند الله ، ولكن مع التفاوت في الدرجات والمراتب : (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ـ ١٩ الأحقاف. وبكلمة ان السابقين المقربين هم من الصنف الأول الذين ذكرهم سبحانه وما أعد لهم في الآية ١٠ وما بعدها من سورة الواقعة ، وأصحاب اليمين من الصنف الثاني ، وقد ذكر سبحانه ما أعده لهم في الآية ٦٧ وما بعدها من سورة الواقعة أيضا (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ). المراد بالإقراض هنا النفقة لأن الله غني عن العالمين. وفي نهج البلاغة : «لم يستنصركم الله من ذل ، ولم يستقرضكم من قلّ ، استنصركم وله جنود السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ، واستقرضكم وله خزائن السماوات والأرض وهو الغني الحميد. أراد أن يبلوكم أيكم أحسن عملا». وتقدم مثله مع التفسير مفصلا في الآية ٢٤٥ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٧٤.
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ