ملوحته حدا جعله مرا كالعلقم ، والمعنى : لو أراد الله أن يجعل الماء ملحا أجاجا لا ينتفع به في شرب ولا زرع لفعل ، ولكن جعله عذبا فراتا رفقا بكم ورحمة لكم ، ومع ان هذه النعمة تستوجب الشكر بطبعها فإن الله يجزي الشاكرين.
٤ ـ (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ)؟ والنار نعمة تماما كالماء ، ولولاها لما تقدم الإنسان خطوة واحدة في حياته ، وبقي الى يومه الأخير يعيش مع الوحوش في الغابات والمغاور.
(أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ)؟ للنار أسباب شتى ، منها القدح بزناد الخشب أو الصلب أو بالحجر ، ومنها غير ذلك مما يكتشفه العلماء في المستقبل أو لا يكتشفونه .. الله أعلم ، وكذلك الوقود ، منه الشجر والفحم الحجري والبترول والكهرباء والذرة والشمس .. الى ما الله به أعلم .. وجاء ذكر الشجر في الآية على سبيل المثال دون الحصر ، قال المفسرون : ان العرب كانوا يستخرجون النار من الزناد ، وهو عبارة عن عودين يحك أحدهما بالآخر ، ويسمى الأعلى زندا والأسفل زندة .. وقد ضرب الله مثلا لاستخراج النار بما يتفق وحياة العرب آنذاك.
(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) موعظة تذكر بالبعث لأن من أخرج النار من الشجر الأخضر يحيي الخلق بعد موته (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) والمراد بالمتاع المنفعة. قال الطبري : «اختلف أهل التأويل في معنى المقوين ، فمن قائل : انهم المسافرون. وقائل : انهم المستمتعون». وهذا القول أرجح من الأول لأن النار ينتفع بها المسافر والمقيم (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ). الخطاب للنبي (ص) والمقصود العموم ، والمعنى نزه الخالق الأعظم عن كل ما لا يليق بعظمته. والمسلمون يقرءون هذا التسبيح في ركوعهم ، أما سبّح اسم ربك الأعلى فيقرءونه في سجودهم.
(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ