الكونية تنتهي الى ارادة الخالق الأول وقدرته وحكمته ، ويستحيل في نظر العقل أن يكون مبدأ هذا الكون العجيب مادة عمياء تتحكم بها الصدفة والفوضى التي لا قصد لها ولا غاية.
(وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها). المراد بالرزق هنا كل شيء علوي له أثر في الحياة كالماء وحرارة الشمس ، وفيهما من الدلالة على وجود الخالق ما في خلق السموات والأرض لأن الكل وجد لحكمة وغرض صحيح (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) جنوبا وشمالا وغربا وشرقا وباردة وحارة (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) كل ذلك وما إليه دليل قاطع على ارادة عليم حكيم.
(تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ). وهكذا يضع سبحانه أمام العقل مشاهد ودلائل حسية على معرفة الخالق وقدرته (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ). من لا ينتفع ببيان الله ، ويقتنع بأدلته فلا تجدي معه أية حجة. وتكرر معنى هذه الآيات كثيرا في كتاب الله ، من ذلك الآية ١٦٤ من سورة البقرة ج ١ ص ٢٥١.
ومن نهج البلاغة : ما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقوي والضعيف في خلقه الا سواء ، وكذلك السماء والهواء والرياح والماء ، أنظر الى الشمس والقمر والنبات والشجر والماء والحجر واختلاف هذا الليل والنهار ، وتفجّر هذه البحار ، وكثرة هذه الجبال ، وطول هذه القلال ـ أي رؤوس الجبال ـ وتفرق هذه اللغات والألسن المختلفات ... فالويل لمن جحد المقدر ، وأنكر المدبر ... زعموا انهم كالنبات ما لهم زارع ، ولا لاختلاف صورهم صانع ، ولم يلجئوا الى حجة فيما ادعوا ، ولا تحقيق لما أوعوا ، وهل يكون بناء من غير بان ، أو جناية من غير جان؟.
(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً