شأنه في الدنيا بالتوفيق والهداية الى الخير ، وفي الآخرة بإدخاله الجنة (ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ). ذلك اشارة الى ثواب الصالحين ، وعقاب المجرمين ، والمعنى ان للحق أهلا ، وللباطل أهلا ، والله سبحانه يوفي كلا منهما أعمالهم انه بما يعملون خبير (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ). فيبين للصالح ثواب أمثاله من الصالحين ليكون على يقين من صلاحه وهدايته ، ويبين للمجرم عقاب المجرمين من أمثاله لعله يهتدي ويرتدع.
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها). هذه الآية من أمهات الآيات ومحكماتها ، وموضوعها هام ، وهو القتال ، لذا نبدأ بتفسير مفرداتها ، ثم نبين المعنى المحصل منها ... والمراد باللقاء هنا مواجهة أعداء الإسلام والمسلمين في جبهة الحرب والقتال. وضرب الرقاب كناية عن القتل سواء أكان بضرب الرقبة أم بغيره ، وانما خص سبحانه الرقاب بالذكر لأنها من الأعضاء الرئيسية. وأثخنتموهم أكثرتم فيهم القتلى حتى ظفرتم بهم وتمكنتم منهم. فشدوا الوثاق أحكموا وثاق الأسير منهم بقيد أو حبل أو سجن كيلا يفر ويعيد الكرة عليكم. فإما منا اي أن تمنوا بالصفح على الأسير من غير عوض. وأما فداء أن تطلقوا سراحه بعوض. وحتى تضع الحرب أوزارها أي حتى يستسلم العدو ويلقي السلاح لأن أوزار الحرب سلاحها.
ومعنى الآية بمجموعها ان أعداء دين الله إذا أصروا على الكفر ، والتقيتم بهم أيها المسلمون في ساحة القتال فاقتلوهم ، ولا تأخذكم بهم رأفة في دين الله ، واصمدوا لهم ، وامضوا في قتلهم وقتالهم حتى تتمكنوا منهم ، وعندئذ أحكموا أسر من بقي منهم كيلا يفلت ، ويعيد الكرة عليكم ، ومتى تم ذلك كان الخيار للنبي أو نائبه في اطلاق الأسير بفداء أو من غير فداء حسبما تقتضيه المصلحة ... وتجدر الاشارة الى ان معنى هذه الآية والآية ٦٧ من سورة الأنفال : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) ج ٣ ص ٥٠٧ ان معنى الآيتين واحد ، وهو لا أسر إلا بعد الإثخان.
(ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ). ذلك اشارة