الإعراب :
عمّ كلمتان : عن وما ، وأدغمت الميم بالنون ، وحذفت الألف للفرق بين الاستفهام والخبر ، ومثلها مم وبم ولم والى م وعلى م وحتى م ، وعم متعلق بيتساءلون. وعن النبأ متعلق بمقدر كأن سائلا يسأل : عن أي شيء يتساءلون فأجابه سبحانه (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) أي يتساءلون عن النبأ العظيم. الذي صفة للنبإ. وكلا حرف ردع وزجر. وأزواجا حال.
المعنى :
(عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ). أصول الإسلام ثلاثة : الايمان بوحدانية الله ، ونبوة محمد ، وباليوم الآخر ، وقوم رسول الله (ص) كانوا أبعد الناس عن هذه المبادئ ، ولذا تساءلوا وقالوا مستغربين : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) ـ ٥ ص وأيضا استكثروا على محمد (ص) ان يكون نبيا لا لشيء إلا لأنه فقير من المال ، وقالوا فيما قالوا : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ) ـ ١٢ هود .. وقالوا عن البعث : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) ـ ٥٣ الصافات .. هذه المبادئ أو الأصول الثلاثة هي النبأ العظيم الذي كان المشركون يسأل بعضهم بعضا عنه .. وقوله سبحانه : (هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) يشير الى انهم كانوا بين مصدق في الباطن دون الظاهر وبين مكذب ظاهرا وباطنا أو متردد.
(كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ). هذا رد لانكارهم ، وتهديد على عنادهم ، وأكد سبحانه التهديد بالتكرار ، ثم بيّن الدلائل على قدرته ، وآيات حكمته ، عسى أن يؤوب الجاحدون الى رشدهم ، ويخافوا يوم الحساب والجزاء الذي أنذرهم به الرسول ، فقال عز من قائل : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً)؟ ألا ترون كيف ذلل الله الأرض تنتفعون بها ، وتفترشونها تماما كالمهد للصبي؟ (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) الجبال بالنسبة الى الأرض كالأوتاد بالنسبة الى الخيمة ، ولو لا الجبال لاضطربت الأرض ومادت بسكانها.